-A +A
هاني الظاهري
Hani_Dh@

الأنشطة الدؤوبة والفعاليات المميزة التي يقدمها فرع جمعية الثقافة والفنون في محافظة جدة رغم ضعف الإمكانات وانعدام الدعم تقريباً مؤشر واضح على أن الوقت حان ليتحول هذا الفرع إلى جمعية مستقلة تليق بمدينة أنجبت أهم فناني ومثقفي المملكة على مر العقود الماضية، وما زالت إلى اليوم الوجهة الأولى للسياحة والترفيه والمهرجانات التي تقوم في أساسها على الفنون والفعاليات الثقافية، ما يعني أن صناعة اقتصاد سياحي ترفيهي يتناسب مع رؤية 2030 أمر مرتبط كليا بصناعة بيئة فنية ثقافية احترافية، ولن يحدث ذلك في ظل الوضع القائم من ضعف وعدم استقلالية أهم مظلة للفنون والثقافة في هذه المدينة.


لا يوجد نظاما ما يمنع استقلال فنون وثقافة جدة، بل إن نظام الجمعيات يسمح بتأسيس جمعية وطنية جديدة بذات الاختصاص في المحافظة نفسها، لكن البناء على الأصل أسهل إجرائياً وأقل تكلفة برأيي، وهو ما يدعوني لتوجيه رسالة لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي وهو الرجل المهتم بالثقافة والفن على المستوى الشخصي قبل الصفة الرسمية (كما أعرف عنه) ادعوه فيها إلى التوجيه بتشكيل مجلس إدارة مستقل (بالتعيين) لفنون جدة ومنحه ترخيصا خاصا في أسرع وقت، ولمعاليه أن يقف بنفسه على جهود هذا الفرع خلال الأشهر الماضية ليتأكد أنه يقوم باجتهادات شخصية من محبي الفنون والثقافة في جدة ما لا تقدمه فروع الجمعية مجتمعة، الأمر الذي يحتم علينا أن ندفع هذه الجهود إلى الأمام بما يخدم الوطن ورؤيته ويعزز مكانة الفن كشريك أساسي في صناعة الاقتصاد السياحي المأمول.

استقلال فنون جدة ليس ترفاً بل خطوة في الاتجاه الصحيح لتوفير الدعم اللازم لهذه الصناعة، ففي جدة المئات من رجال الأعمال الداعمين لصناعة الفن والثقافة في مدينتهم، ومئات المؤسسات الوطنية التي لن تتوانى عن دعم مظلة فنية ثقافية مستقلة، وعلينا أن ندرك أن ما يمنع ذلك الدعم حالياً هو الإيمان بأن أي دعم للجمعية لن يصل لأنشطتها في جدة بل سيتوجه لخزينة الإدارة العامة التي ستعيد توزيعه على أنشطة فروعها بشكل لا يستفيد منه أي فرع إلا في سداد ديونه، وربما لهذا السبب أيضا ليس لفنون جدة مبنى مستقل حتى اليوم، بل إن أعضاء الجمعية مهددون بالطرد من المبنى الذي يحتضن فعالياتها رغم أنه هبة من أمانة وتجار جدة، وقد أُشبعت هذه القضية نقاشا في وسائل الإعلام قبل أشهر بشكل يغني عن التطرق لتفاصيلها هنا.

أنا على ثقة وإيمان تام بأن هذه الرسالة سوف تصل لمعالي الوزير وتجد قلباً مفتوحاً ودعما سريعا لأهدافها، فهي تحمل بين كلماتها أصوات مئات الفنانين والمثقفين في جدة ولا تعبر عن رأي شخصي لكاتبها فقط، وهي في ذات الوقت لن تعجب (كما هو متوقع) مجلس إدارة الجمعية الحالي الذي لا نلومه على ضعف إمكاناته ومخرجاته وقلة حيلته، بل نطالبه بكل حب بأن ينشغل بمشاكله عن جدة (مدينة الفن والثقافة)، ويكتفي بتطوير فروع الجمعية المتوفاة دماغيا في كثير من المحافظات، و«كثر الله خيره».

c@news-sa.com