-A +A
عزيزة المانع
تطرق التقرير الذي قدمته هيئة حقوق الإنسان السعودية للأمم المتحدة، إلى الحديث عن قضايا حقوقية كثيرة، لكني هنا سأحصر نفسي في التعليق على ما جاء في التقرير حول قضيتين بارزتين تتعلقان بحقوق المرأة في المملكة وشغلتا الإعلام العالمي طويلا، وهما قضيتا (ولاية الرجل على المرأة)، و(قيادة المرأة للسيارة).

هاتان القضيتان، في المنظور العالمي، تبدوان مجحفتين في حق النساء، ويتمثل فيهما تمييز عنصري جلي ضد المرأة، لذلك صارتا من القضايا التي تتكرر الإشارة إليها في الإعلام الغربي وفي المحافل العالمية بسخرية وتهكم يسببان إحراجا للمملكة، خاصة أنهما لا ترتكزان على نص ديني يقر العمل بهما، وإنما هما وليدتا رؤى اجتهادية من بعض المخلصين الذين يرون مصلحة عامة في الاستمرار في تطبيقهما.


وما جاء في تقرير الهيئة من مبررات حول بقاء هاتين القضيتين بلا تغيير، يبدو ضعيفا غير مقنع، فقد اكتفت الهيئة في تقريرها بتأكيد القول بعدم وجود أنظمة من الدولة تبخس المرأة أي حق من حقوقها، وأن ما يحدث في بعض الأحيان من تسلط للرجل على المرأة، أو عدم تمكينها من قيادة السيارة، ما هو إلا من الممارسات التي تفرضها الأعراف والثقافة المجتمعية، ولا شأن لأنظمة الدولة بها!

وهذا القول، يبدو فيه قدر من المغالطة، فلا أحد يخفى عليه أن المرأة تمنع من قيادة السيارة ومن السفر بلا تصريح من ولي أمرها، بقوة النظام وليس مجرد عرف يمكن اختراقه لمن أراد. وهذه المغالطة من الهيئة تضعف موقفها وتحرمها من الاحترام والثقة. وأسوأ من هذا، هي بهذه المغالطة تظهر الدولة كما لو أنها تدعم (الأعراف) أكثر من دعمها (للحقوق) فتقف في صف ثقافة المجتمع حتى وإن كان فيها جور على المرأة!

ومع ذلك حتى إن صدقنا ما يقوله التقرير وقبلنا ما ورد فيه من أنه لا توجد أنظمة رسمية (تجبر) المرأة على الخضوع لإشراف الرجل عليها، وأنه لا يوجد نظام من الدولة يحظر عليها قيادة السيارة، وأن ما يمارس حاليا من إلزام المرأة بموافقة ولي الأمر على سفرها، أو عدم الفسح لها بقيادة السيارة، إنما هو ممارسة ناجمة عن ثقافة المجتمع ليس إلا! إن قبلنا بهذا، ألا يقتضي ذلك من الهيئة أن تبين لنا الدور الذي قامت به لتصحيح موقف ثقافة المجتمع الجائر، حين تبخس المرأة حقا منحتها إياه أنظمة الدولة؟ ما الذي فعلته الهيئة في هذا الشأن؟

ما دامت الأنظمة الرسمية لا تفرض ولاية الرجل على المرأة، ولا تحظر عليها قيادة السيارة، وأن الأمر لايعدو أن يكون تسلطا من بعض فئات المجتمع، لم تقف الهيئة موقفا سلبيا فتترك حق المرأة نهبا لتسلط الأعراف وثقافة المجتع؟

إن تسلط فئة من المجتمع على فئة أخرى، من الأمور المتنافية مع حقوق الإنسان وهو من التعدي الذي يجب على الهيئة التصدي له، فلم لم تفعل؟

azman3075@gmail.com