-A +A
سعيد السريحي
استميح من يتفضلون عليّ بمتابعة هذه الزاوية اليومية العذر إن جاء هذا المقال على غير ما أخذت نفسي به من عناية بقضايا الشأن العام، ذلك أن الخبر الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس عن مبادرة قادة وقائدات مدارس حكومية وأهلية وعالمية قطعوا إجازاتهم وعادوا إلى مدارسهم كي يطمئنوا على تهيئة الفصول لاستقبال الطلاب والطالبات بعد إزالة مخلفات العاصفة الرملية وما تركته من غبار لم تسلم منه فصول تلك المدارس، ذلك الخبر أعادني إلى مدرسة الشاطئ الثانوية حين كانت خلال القرن الماضي في مهب الريح تحيط بها الرمال من كل الجهات في كيلو سبعة طريق مكة - جدة، وكانت أدنى عاصفة كفيلة بتغطية فصولنا ومكاتبنا بطبقة سميكة من الغبار، غير أنه الغبار الذي لم نكن نجد له أثرا حين ندخل فصولنا، وذلك لأن عريف فصلنا خالد علي عبدالإله مهنا يكون قد سبقنا بساعة أو ساعتين وقام بمسح الغبار عن جميع مكاتبنا معتبرا ذلك أحد واجباته كعريف للفصل ورد جميل للفصل الذي انتخبه عريفا.

كان مدير الشاطئ آنذاك الأستاذ جميل عبدالجبار رحمه الله يتخذ من الانتخاب الحر عبر الاقتراع السري في كل فصل وسيلة لتحديد عريف الفصل، وكان بذلك يؤسس لعلاقة عضوية بين العريف والفصل، فالطلاب يشعرون أنهم هم الذين اختاروا العريف وهو يشعر بأنهم هم الذين وثقوا فيه بذلك الاختيار، وذلك الإحساس العميق بالفضل المتبادل بين الطرفين هو ما كان يحمل خالد مهنا على الحضور مبكرا كي يمسح الغبار عن مكاتبنا، وفي مقابل ذلك كان من حق خالد مهنا أن يطلب من إدارة المدرسة نقل أي طالب يحاول الغش أو يثير الفوضى في الفصل إلى أي فصل آخر، وكان مدير المدرسة جميل عبدالجبار يستجيب لطلبه لأنه يرى فيه تحقيقا لإرادة فصل بكامله.


تلك كانت بعض تجارب مدرسة الشاطئ الثانوية التي أردت أن أشاطرها قارئ هذه الزاوية، متمنيا أن يكون بين قادة مدارسنا جميل عبدالجبار آخر وأن يكون بين طلابنا خالد مهنا آخر كذلك.