-A +A
سعيد السريحي
مجتمعنا يعاني على نحو غريب ومريب من حالة فصام تتكشف في عدد من المواقف. من ذلك ما نلحظه من تناقض بين الخطاب الذي يتحدث عن صيام رمضان باعتباره تجربة يتعلم منها الإنسان الصبر في الوقت الذي لا ينشغل فيه المجتمع هذه الأيام بشيء كما ينشغل بقضية الاختبارات في رمضان وكيف أن صيام الطلاب سوف يهددهم بالرسوب والفشل ويكلف آباءهم وأمهاتهم عناء متابعة أبنائهم وبناتهم والاطمئنان على مدى الاستعداد للاختبارات وجودة أدائهم لها، ولم يعد ينتظر المجتمع خبرا كانتظاره خبر قرار تقديم الاختبارات بحيث تنتهي قبيل بدء الصوم.

هؤلاء الآباء والأمهات الذين يتذمرون من الاختبارات في رمضان نسوا أنهم هم أنفسهم درسوا في رمضان واختبروا في رمضان وأن آباءهم وأمهاتهم درسوا واختبروا في فصول لم تكن تعرف التكييف وكيف أنهم كانوا يكتبون بيد ويمسحون العرق المتصبب من جباههم باليد الأخرى.


هذا المجتمع الذي يريد أن ينشأ أبناؤه وبناته على شيء من القدرة على تحمل المشاق والتأقلم مع مختلف الظروف لا يعرف أنه حين يعتبر مجرد الاختبارات في رمضان عبئا لا يطاق وأن على المسؤولين إعادة النظر في قرارهم إنما يريدون لأبنائهم وبناتهم حياة من الدعة والاسترخاء والكسل الذي لا يليق بجيل ينبغي إعداده لكي يكون مستعدا لمواجهة مختلف التحديات التي تنتظره في المستقبل.

المجتمع لا يتناقض فحسب وإنما يعبر عن حالة من الدعة التي تغريهم بتعويد أبنائهم وبناتهم على دلال تصبح فيه الاختبارات في رمضان معضلة ينتظرون لها حلا.