-A +A
عزيزة المانع
«عندما أصابت الرصاصة قلبي لم أمت، لكني مت لما رأيت مطلقها!» (جبران)

لعله من أقسى ما يصيب الإنسان من الآلام النفسية تلقيه الطعنة من مصدر كان يظنه الأصدق حبا، والأمتن قربا، والأكثر أمانا وتضامنا معه!


كم هو مؤلم الشعور بالغدر، بالخيانة، بالخذلان، هي مسامير تغرز أسنتها في القلب، كم هو غائر جرح الرصاصة التي تصيبك باليد التي كنت تراها الأرحم بك والأرق عليك!

كلنا عرضة للإصابة بمثل هذه المشاعر المؤلمة، لا أحد يملك حصانة ضد الإصابة في وقت من الأوقات بشيء مما تشتمل عليه الدنيا من المضايقات والأكدار التي تجلب معها الحزن والضيق والاكتئاب، لكن ليس كلنا قادرين على التفاعل بكفاءة مع تلك الانفعالات السلبية، غالبا يكون الاستسلام للخمول وفقد الحماسة وغياب الرغبة في العمل هو المسيطر، وتصير العزلة والانطواء على الذات هي الشيء المفضل.

تقدر منظمة الصحة العالمية عدد المحبطين والمكتئبين في العالم بما يزيد على ثلاثمئة مليون شخص، يقفون سلبيين في مواجهة معاناتهم، فيطحنهم الإحباط والقهر ويقذف بهم إلى قاع بئر مظلمة بالأحزان والأكدار، وقد ينتهي بهم الأمر إلى الانتحار، أو الوقوع في الإدمان على المخدرات أو إدمان تعاطي المهدئات التي تصرف لهم من أجل العلاج.

ولأن معظم الأمراض النفسية ترتبط بالانفعالات والمشاعر وليس بالجانب العضوي في الإنسان، فإن معالجتها غالبا تكون بالتعامل الصحيح مع الانفعالات نفسها، وهناك أساليب نفسية علاجية كثيرة تعين على التغلب على حالات الإحباط والحزن والقهر، لكن بعض الناس لا يؤمنون بذلك ويظلون يبحثون عن دواء محسوس متى تعاطوه انقشعت عنهم الظلمة المطبقة على صدورهم، ولهؤلاء لجأت بعض المستشفيات إلى تجربة طريفة حيث صرفت لبعض المرضى المكتئبين، دواء وهميا، أخبرتهم أنه يفيد في التخفيف من حالة الاكتئاب والضيق التي يمرون بها، فكانت النتيجة إيجابية، لأن المرضى اعتقدوا أنهم بمجرد تعاطي الدواء سيتمكنون من التغلب على آلامهم وتجاهل ما سبب لهم الضيق والعودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.

نحن لا نستطيع تفادي الإصابة بالآلام النفسية، تماما كما أننا لا نستطيع تفادي الإصابة بالآلام العضوية، إلا أننا نستطيع أن نريح أنفسنا وأن نجلو عنها ما يثقلها من الآلام، متى عرفنا كيف نتعامل بكفاءة ومهارة مع الانفعالات السلبية التي نصاب بها.

azman3075@gmail.com