-A +A
حمود أبو طالب
مواطن سعودي اسمه سعد الثويني كان حديث الناس والصحف بعد إعفاء وزير الخدمة المدنية السابق وإحالته للتحقيق، قام هذا المواطن بعمل تكتنفه المغامرة وربما المخاطرة عندما قرر أن يتقدم ببلاغ ضد وزير إلى هيئة مكافحة الفساد في نمط احتسابي جديد غير مضمون النتيجة وغير مستبعد أن يعود على صاحبه بالويل والثبور، لكنه مضى في سبيل قضيته الوطنية الأخلاقية الشريفة وقدم خطابه إلى الهيئة متضمناً المعلومات التي وثقتها وسائل التواصل الاجتماعي، ومطالباً بالبحث والتحري والتحقيق والمساءلة في حالة ثبوت تلك المعلومات.

مثل هذا التحرك الرسمي من مواطن عادي ضد وزير قد يكون ضرباً من الجنون في مرحلة سابقة، أو مجرد خيال شاطح لا يمكن أن يكون واقعاً، فمن ذا الذي يجرؤ على التقدم ببلاغ ضد وزير أو حتى مدير في أي موقع وفي أي منطقة حتى لو كان يملك أقوى الأدلة والبراهين على فساده. أما إذا تهور شخص وحاول ذلك فإن شبكة الحماية والدفاع عن المسؤول سوف تتحرك سريعاً بكل مستوياتها ليخرج من الموضوع بريئاً ونظيفاً ومظلوماً، أم المواطن الذي ارتكب هذه الحماقة فسوف يتحمل تهمة البلاغ الكيدي واستهداف المسؤولين المخلصين المحسودين على إنجازاتهم وإخلاصهم ووطنيتهم، وسوف تتحول حياته إلى جحيم بفعل التوصيات عليه من المنتصرين لذلك المسؤول النزيه.


سعد الثويني سواء بمعرفته أو دون معرفته بهذا الواقع تحرك بفطرة إنسانية ودافع وطني نزيه وكأن شيئاً ما في داخله يوحي له بأن مطلبه العادل سيتحقق، حذروه بأنه سيدخل عش الدبابير، لكنه لم يلتفت لمحاولة ثنيه عن المضي في قضيته التي تحملها نيابة عن كل مواطن ومواطنة، أراد أن ينتصر للوطن والمجتمع فصمد حوالى ٦ أشهر بعد تقديم بلاغه، يتابع مجرياته بشجاعة وثقة حتى جاءت لحظة الانتصار على يد أشد وأقوى خصم للفساد، سلمان الحزم الذي سجل سابقة تأريخية سيتذكرها ويخشاها كل المسؤولين اللاحقين.

هذه المبادرة الشجاعة التي نفذها المواطن سعد الثويني تدشن عهداً جديداً في المسؤولية التي يجب أن ينهض بها المواطن لحماية وطنه من كل أشكال الفساد المباشر وغير المباشر طالما لديه الأدلة، وطالما أصبحت الدولة سنداً قويا ومنصفا له. فلنكن جميعاً سعد الثويني.