-A +A
محمد العبدالله (الدمام)
mod1111222@

أكد خبراء اقتصاديون أن المملكة تمتلك أهم عناصر استقطاب الاستثمار الأجنبي، التي تتمثل في الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، مشيرين إلى أن الآفاق الاستثمارية بالمملكة متعددة وواعدة في الوقت نفسه، منها مشاريع الطاقة ومشتقاتها والفرص الاستثمارية في محطات المياه ومشاريع البنى التحتية.


واعتبر رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن العطيشان أن الفوضى تخلق مشكلات كبيرة على البنية الاقتصادية في الدول المضطربة، إذ تعمد الشركات إلى البحث عن بيئات استثمارية أكثر جاذبية، لافتا إلى أن خلق بيئة استثمارية مثالية مرتبط بسن الأنظمة والتشريعات القادرة على استقطاب الرساميل، مؤكدا أن العمل المؤسسي يشكل العنصر الأهم لبناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة الصعاب، معتبرا أن التقدم العلمي يمثل المدخل الأساسي وراء بناء اقتصاد متين.

وأكد أن الاستقرار السياسي الذي تنعم به المملكة يمثل مدخلا أساسيا لدخول الاستثمارات ونموها، فالمستثمر يبحث قبل اتخاذ القرار الاستثماري عن البلدان المستقرة، خصوصا أن عملية الدخول في الدول التي تواجه مشكلات أمنية تمثل مغامرة كبيرة، مما يعني عدم القدرة على استثمار تلك الأموال وخسارتها بشكل كامل، لافتا إلى أن المملكة تعيش حالة من الاستقرار الأمني بخلاف حالة الفوضى التي تعيشها بعض الدول العربية المجاورة، مما يعزز من قدرتها على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في الفترة الماضية، مشير إلى أن المملكة تعد حاليا محط أنظار الشركات الاستثمارية العالمية، لما تمتاز به من عوامل جاذبة للاستثمار وقوة اقتصادية كبيرة، وبالتالي فإن الاستثمارات ستجد طريقها بقوة نحو المملكة في ظل الأوضاع غير المستقرة في العديد من الدول المجاورة.

وقال أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور إبراهيم القحطاني إن الاستقرار الأمني والتماسك الاجتماعي القوي يشكلان عنصري جذب للاستثمار الأجنبي، لافتا إلى أن الاقتصاد الوطني كغيره من الاقتصادات العالمية يواجه ركودا، مضيفا أن الاقتصاد الوطني سيمر بفترة ركود، مما يتطلب وضع الخطط الاقتصادية المناسبة على غرار الخطط الاقتصادية المناسبة للانتعاش.

واعتبر ارتفاع الدخل غير النفطي في الدخل القومي إشارة إيجابية، بحيث تعزز الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل في المرحلة القادمة، داعيا للاستفادة المثلى من الموارد المالية عبر التركيز على ملفات رئيسية عوضا عن التركيز على مجموعة من القطاعات، مشددا على ضرورة ترك المجال بصورة أكبر للقطاع الخاص، لا سيما مع وجود قطاع خاص واسع عبر الشركات الكبرى والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا وجود رغبة لدى القطاع الخاص للعمل في داخل المملكة وخارجها، مشيرا إلى أن المملكة ساهمت خلال العقود الماضية في إبراز العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لديها القدرة للمنافسة عالميا.

وأكد أهمية تشجيع القطاع الخاص سواء داخل المملكة أو خارجها، بهدف الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية المحيطة، داعيا القطاع الخاص للاستثمار في الدول المصدرة للسلع بهدف الاستفادة من المزايا الممنوحة في تلك الدول، مشددا على ضرورة تخلص القطاع الخاص من النظرة الضيقة بالاعتماد على الدولة في عملية التمويل.

وطالب بانخراط البنوك الوطنية بشكل مباشر في تنمية القطاع الخاص، لا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق المبادرات ذات الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن البنوك الوطنية تعتبر من أكثر البنوك عالميا ربحية وأقلها مخاطرة، فالإيداعات المودعة تكون دون فوائد بسبب الحرج الشرعي، متسائلا ماذا فعلت البنوك مقابل الإيداعات دون الفوائد، داعيا البنوك الوطنية لإطلاق مبادرات تمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وشدد على أهمية دخول دماء جديدة في الاقتصاد، بحيث تحتل المنشآت الصغيرة والمتوسطة نسبة كبرى من تلك الدماء القادمة في بنية الاقتصاد الوطني، منتقدا احتكار أسماء محددة في الفوز بأعمال الشركات الكبرى مثل أرامكو وسابك والكهرباء، مشيرا إلى أن إحدى الشركات النفطية الخليجية رصدت ميزانية خاصة لمنحها لمشاريع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

ودعا وزارة التجارة والاستثمار للتصدي بصورة أكبر لظاهرة التستر، مما يسهم في حجب الوظائف عن الشباب السعودي، مشيرا إلى أن الكثير من المناطق الصناعية محتكرة للتجمعات التجارية غير السعودية، مضيفا أن إحدى المدن الصناعية بإحدى مدن المملكة الكبرى يستحوذ على 90% من ملكيتها جنسيات غير سعودية، مشددا على تخصيص جزء من أنشطتها مثل المختبرات والتفتيش لطرحها للقطاع الخاص ليديرها، الأمر الذي يسهم في خلق عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية.

وأوضح عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث أن القطاع الخاص يبحث أولا وأخيرا عن الاستقرار الأمني والسياسي، فإذا وجدا هذان العاملان إضافة إلى الأنظمة الاستثمارية الواضحة، فإنه سيكون أول المبادرين لضخ الأموال في الأسواق، لافتا إلى أن الرساميل العربية في ظل الأوضاع غير الصحية للاستثمار في الأسواق العربية دفعت الكثير للبحث عن البلدان الآمنة سواء في أوروبا أو أمريكا أو أستراليا أو دول شرق آسيا. وأضاف أن الفوضى والاضطرابات التي تعيشها بعض الدول العربي منذ عام 2010 وحتى اللحظة الراهنة ساهمت كثيرا في آثار اقتصادية كبيرة، مشيرا إلى أن التداعيات الناجمة عن الاضطرابات في تلك الدول خلقت أجواء سلبية على المناخ الاستثماري، لا سيما أن الفوضى ساهمت في إضعاف تلك الحكومات القائمة، وبالتالي بروز حالة من الفوضى الكبيرة، الأمر الذي أثر على الاقتصاد بشكل عام، إذ تشهد تلك الدول مصاعب اقتصادية كبيرة يصعب التهكن بمدى قدرتها على تجاوزها في غضون السنوات القليلة القادمة.

وأشار إلى أن الصعوبات التي تواجه الحكومات في البلدان التي تواجه اضطرابات على مدى السنوات الأخيرة تشكل تحديا كبيرا، لا سيما أن البيئة الاستثمارية الجاذبة تبخرت جراء عدم القدرة على توفير المناخ الاستثماري كما هو الحال قبل بروز هذه المشكلات الأمنية والسياسية على السطح منذ عام 2010، مؤكدا أن الشركات الأجنبية والرساميل الأجنبية وكذلك العربية باتت غير قادرة على الدخول في تلك الدول جراء الفوضى السياسية والأمنية المنتشرة في أغلب مدن تلك الدول، وبالتالي فإن الرغبة التي كانت تحدو المستثمرين للدخول في تلك البلدان تراجعت أو اختفت تماما.

وأكد أن الوضع الاقتصادي للمملكة وكذلك توافر الاحتياطات واستقرارها السياسي عوامل مهمة تمكنها من تحقيق قفزات كبيرة نحو بناء اقتصادي قوي ومتنوع يساهم في رفاهية المواطنين، مشيرا إلى أن الإرادة السياسية موجودة ويقف خلفها شعب شاب في مجمله ينتظر فرصته ليساهم في بناء وطنه، مشددا على ضرورة تطبيق الرؤية المستقبلية على أرض الواقع بمنجزات حقيقية تلازمها رقابة صارمة، لافتا إلى أن التطور العلمي والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والطبيعية يمثل المحرك الرئيسي لكل الاقتصادات.

وأوضح أن المملكة تواجه تحديا حقيقيا يتمثل في خلق وظائف منتجة ذات مدخول جيد، فوزارة العمل التنمية الاجتماعية سعت لتطوير الأنظمة المحلية من جهة، وزيادة موارد الصناديق الحكومية المخصصة لدعم التوطين من جهة أخرى، مما ساهم في زيادة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، بيد أن المعضلة تكمن في كون التوظيف تركز بشكل كبير في الوظائف المتدنية ذات الدخل الضعيف، داعيا لتطوير الأنظمة والشفافية عن طريق توحيد جهود القطاعات الرقابية وزيادة صلاحياتها في المساءلة ورفع التوصيات، وكذلك التطوير الجذري لأنشطة اقتصادية منافسة على المستوى العالمي، بحيث يتم تقليل الاعتماد على دخل النفط بخطة واضحة مرتبطة بزمن محدد قابل للتطبيق.

وطالب بضرورة زيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي بتشجيع القطاع الخاص، مشددا على ضرورة تنمية العنصر البشري (التعليم والتدريب) بالتركيز على تطوير المهارات الأساسية العلمية واللغوية والتركيز على توفير الإمكانات كافة لتطوير بيئة التعليم بكل مكوناتها، مؤكدا أهمية المراجعة الجذرية للمناهج بما يتناسب مع التطور العلمي العالمي.