-A +A
حمود أبو طالب
كلما لاحت بارقة أمل لإزاحة شيء من طبقات الجمود والملل والرتابة والكآبة، التي جثمت على روح المجتمع بفعل سلطة وسطوة فكر الغلو الذي اجتاح كثيراً من المباحات وأدخلها قسراً في نطاق التحريم، كلما لاحت مثل هذه البارقة واستبشر المجتمع بها في وسائل الإعلام، خبراً وتعليقاً ورأياً، خرج علينا بعض القائلين: لا تستفزوهم بالتعبير عن سعادتكم وترحيبكم، دعوا الأمور تسير بهدوء حتى لا تجهضوا أي محاولة للتغيير، وكأننا إزاء ممارسة مشبوهة تتطلب الكتمان حتى لا يفتضح أمرها وتتعرض للضبط والإيقاف والمصادرة.

حدث ذلك مرات عديدة بواسطة أشخاص يبدون في ظاهرهم وكأنهم حريصون على نجاة ونجاح أي خطوة لاستعادة الطبيعي في الحياة، بينما الحقيقة أنهم يكرسون بأسلوب غير مباشر التخويف والترهيب من قوة وسطوة أصحاب فكر التشدد، وأنهم قادرون على إجهاض أي فعل لا يحظى برضاهم ومباركتهم له، لذلك يجب الصمت والحذر منهم.


لقد تسبب الاستسلام لهذا الوضع والتسليم به في تعطيل الكثير من الخطوات التي كان يجب أن تتم في وقتها، تعطيل أضر بنا وجعلنا مشوهين ومتأخرين كثيراً عن مجتمعات العالم في مجالات عديدة، وكلفنا فاتورة باهظة تنموياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وإنسانياً، في الوقت الذي يرسخ فيه العالم مبادئ الدولة المدنية بمزاياها وفضائلها على حياة البشر، وعندما يقول الأمير محمد بن سلمان في حواره مع صحيفة الواشنطن بوست: أنا شاب وحوالي ٧٠٪‏ من مواطنينا هم من الشباب، ونحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي عشنا فيها في الـ٣٠ سنة الماضية، نحن نريد أن ينتهي هذا العصر الآن.. عندما يقول ذلك فإنه كمن يصرخ قائلا كفى كفى تشويهاً للحياة واضطهاداً للمجتمع بإرغامه على الإذعان للتضييق بفرض الرؤية المغالية في التشدد في كل صغيرة وكبيرة.

الذين يستفزهم الترحيب بأي خطوة لترميم العطب الذي أصابنا ومحاولة الخروج من الحصار المضروب على الروافد الجميلة للحياة فذلك ليس شأننا ولا يجب أن يهمنا.