-A +A
جميل الذيابي
الدبابات الأمريكية تصول وتجول داخل الأراضي السورية، بمحاذاة الحدود مع تركيا؟ ماذا يعني انتشار صور تلك الدبابات التي ترفع علم الولايات المتحدة؟!

أليس الفارق كبيرا والبون شاسعا بين أقوال وأفعال إدارتي الرئيسين الأمريكيين الحالي دونالد ترمب، والسابق باراك أوباما؟ الأول سياساته المترددة والمتخاذلة أغرقَت المنطقة في الفوضى والأهوال التي نراها الآن، حتى أفقد أمريكا هيبتها!.


بعد ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية أوباما «غير المأسوف عليها»، يظهر حجم الفارق لكل مراقب ومتابع فيما بين إدارة الأقوال (أوباما) وإدارة الأفعال (ترمب)؟

مشهد تلك الدبابات الحديثة وهي ترفع الأعلام الأمريكية في الشمال السوري رسالة أشبه بالتحدي لروسيا تعقب الضربة الصاروخية الأمريكية التي أخرجت مطار قاعدة الشعيرات السوري من نطاق الخدمة؟

كما أن الردود «الترمبية» تجاه التهديدات التي انطوت عليها تصريحات روسيا وإيران كانت ساخنة وصارمة جداً، بالتزامن مع مخْر حاملات الطائرات الأمريكية الضخمة عباب المحيط لترسو قبالة كوريا الشمالية؟ أليس «الابن المتهور» كيم جونغ أون أضحى يبلع ريقه بعدما اكتشف أن في واشنطن إدارة مستعدة لخوض الحرب التي ظل يتوعد بها؟ وفِي اليمن، يلحظ المراقب أن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بدأوا يتحسسون رؤوسهم، بعدما أكدت الولايات المتحدة أنها تدرس مساندة «التحالف العربي» بقيادة السعودية لإعادة الشرعية لليمن بزيادة تدفق المعلومات الاستخبارية ليتمكن من حسم العبث الحوثي الذي تذكيه إيران، عبر واجهاتها وميليشياتها الطائفية، خصوصاً «حزب الله» اللبناني المتورط في قتل أطفال سورية ودعم نظام بشار الأسد؟

الفارق واضح... فقد كان العالم قبل 100 يوم، أشبه بغابة مضطربة، من جراء سياسات أوباما المتخاذلة، التي سلمت سورية إلى الرئيس الروسي بوتين وحلفائه ملالي إيران. حتى انتفش الكرملين ليحكي صولة الأسد، ليس في سورية وحدها، بل في مجلس الأمن الدولي، مشهراً سلاح الفيتو بوجه كل مشروع قرار يسعى لإدانة المذابح الوحشية، والهجمات الكيماوية، بل التحقيق في تلك الهجمات المخالفة للقانون الدولي، لكن تلك «النفخة» الزائفة من إمبراطورية بائدة تقهقرت بعد 100 يوم فقط من مجيء الإدارة الجمهورية للبيت الأبيض.

والشيء بالشيء يذكر. فعلينا ألا ننسى أن السعودية كانت أول من بادر إلى انتقاد سياسات أوباما الرمادية المهادنة. ونتذكر كيف عمد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى عدم استقبال أوباما في مطار الرياض، وأنهى الاجتماع معه في تلك الزيارة في أقل من نصف ساعة. ونتذكر كيف لوحت المملكة بتصريحات قوية قبل صدور قانون «جاستا» الأمريكي وبعده بأنها رافضة إدارة كانت تعمل وكأنها تسوق لسياسات ملالي إيران.

خلال 100 يوم تصدت إدارة ترمب لـ«حزب الله» اللبناني بوعيدٍ جعل حسن نصر الله يرتعد، وهي تتلقى الضربات من الفصائل السورية المناهضة لبشار. ولا يلوح في الأفق جديد بشأن التوقعات من انتخابات الرئاسة الإيرانية المتوقع إجراؤها في مايو 2017؛ إذ ستبقى سياسات الملالي مهما تغيرت الوجوه. وسيتم التعاطي مع تلك التطورات بقوة من جانب السعودية، خصوصاً أن المملكة دولة قوية ومؤثرة، وحاضرة في كل المحافل الدولية والإقليمية، ولن تتخلى عن ريادتها للعالم الإسلامي والعربي. ولن تقبل بحل في سورية يتجاهل مصالح الشعب السوري المشرد والمهاجر والنازح وشهدائه الذين يتجاوز عددهم الْيَوْمَ عدد شهداء فلسطين. ولن تقبل بأن يكون بشار جزءا من الحل، في حين أنه هو رأس المشكلات في سورية. ولن تقبل السعودية مطلقاً بسياسات التدخل الإيرانية، وستواجه بكل قوتها وتأثيرها وتحالفاتها الإقليمية والدولية أوهام الهيمنة الإيرانية.

100 يوم مضت وقد شهدنا فيها عودة العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى طبيعتها ومسارها التاريخي، في تحالف من أجل مصلحة البلدين، واستقرار المنطقة، واستمرار إمدادات النفط، واستقرار أسعار هذه السلعة الحيوية. وبهذا أضحت الرؤية واضحة، بعد انقشاع سحابة التخاذل في عهد أوباما، ليبدأ العالم مسيرة أكثر قوة وشجاعة من أجل السلم والأمن، وازدهار التعاون الإستراتيجي بين الشركاء، والتحالف لتخليص العالم من شرور «داعش»، و«القاعدة»، وبشار الأسد... وأوهام الهيمنة في أذهان ملالي إيران.

معارك ترمب بدأت منذ اليوم الأول، وكما قال في بنسلفانيا «المئة يوم الأولى مثمرة.. والمعارك الكبرى آتية».