-A +A
محمد أحمد الحساني
للارتشاء فنون يجيدها المرتشون، ومن تلك الفنون قيام الأشاوس منهم بصياغة عبارة يفهم منها صاحب الطلب والمعاملة سواء كان ما قدمه نظامياً أم غير نظامي، أن المطلوب منه دفع رشوة مقدرة مقابل تمرير معاملته وتحقيق طلبه وإلا فلا؟ ويقال إن موظفاً في جهة ما استخدم قبل عدة عقود آية قرآنية كريمة في طلب الرشوة محرفاً الآية عن مواضعها وعن معانيها النبيلة، وتلك الآية هي قوله عز وجل «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»

ومعناها واضح وهو دعوة العباد إلى حسن التعامل بعضهم مع بعض، وأن الإنسان العاقل الحكيم هو الذي يدفع الشر عنه بالقول الطيب والتعامل اللين الذي يجعل خصمه يتحول عن العداوة أو يظهر أنه قد تحول عنها إلى الصداقة الحميمة، فاقتطع ذلك الموظف جزءاً من الآية وهي عبارة «ادفع بالتي هي أحسن» وخطها على لوحة واضحة المعالم ورفعها فوق رأسه في مكتبه الإداري فإذا جاء صاحب معاملة وفهم المعنى الذي أراده الموظف دفع الرشوة ومرت معاملته مرور البرق، أما إن قرأها على أنها آية كريمة وكما أنزلت فإن معاملته تدخل في ملفات ومطبات قد لا تخرج منها أبداً!؟ وهناك عبارة أخرى يلمح بها المرتشي لمراجعه في مكتبه كأن يقول له بأن لديه «سَيْراً» في عربته حال دون دوران ماكنة العربة فلما دهنه بالزيت لان ودارت الماكنة ملخصاً عبارة طلب الرشوة بقوله: ادهن السير لتسير العربة.


وسمعت من شخص طلب منه رشوة أن الموظف الذي راجعه في معاملة نظامية أخذ يتحدث عن عمال بناء احتاجهم لرفع سور دارته الجديدة وكان عدد الذين احتاجهم من العمل عشرة، ولم يدرك أخونا مغزى الحديث عن رفع سور وعمال وأسمنت وطوب إلا بعد أن شرح له صديق له أن ذلك الموظف كان يطلب منه عشرة آلاف ريال مقابل تمرير معاملته النظامية ولو كانت غير نظامية لطلب أكثر.

أما عبارة «الأرض يشقها السيل» المصاحبة لبعض عمليات السطو على الأراضي البيضاء باسم الإحياء فقد أصبحت عبارة معلومة والجواب عليها هو: يشقها نصفين!

وكما تتم عمليات الترقيم بهدف المعاكسة من قبل بعض الصُّيُّع فإن عملية ترقيم أهم تتم بين المرتشي والراشي قد يشارك فيها الرائش، وهو أن يزود المرتشي الراشي برقم حسابه في البنك ليودع «المعلوم» مقابل تمرير طلبه أو معاملته لديه، وربما يشترط الراشي أن يكون الإيداع عن طريق طرف ثالث لا علاقة له بالمعاملة زيادة في الحذر «خشية من المساءلة» وسلامتكم!