-A +A
حسين شبكشي
ليس خافيا على أحد دقة الوضع الصحي في البلاد والتحديات الجسيمة التي يواجهها، من الواضح جدا أن هناك عدم رضا على كم ونوعية الخدمات المقدمة من القطاع، وأنه أيضا توجد مراجعة لتغيير الدور التقليدي لوزارة الصحة كمشغل يتحمل أعباء العمل اليومي إلى مشرع ومراقب، ولكن هناك ترددا في الوزارة ورسائل متناقضة تطلق بين الحين والآخر، وآخرها على لسان مسؤول كبير في الوزارة وضح فيها أنه لا نية لدى الوزارة بخصوص خصخصة المستشفيات العامة في البلاد، وهذه العبارة فيها نوع من الإنكار المتجدد لحالة تردي الوضع الإداري في القطاع الصحي بشكل عام. الحلول يجب أن تكون جادة ونافذة لم يعد هناك مجال للتنظير. والحال المتردي لا يطال المستشفيات العامة فقط ولكنه يشمل ولا يقتصر على وضع صناعة الدواء، فحتى الآن لا يزال الاعتماد هائلا وكبيرا ومخيفا في آن على استيراد الدواء وهو ما يرهق القدرة الاستيرادية ويخرج العملة الصعبة خارج البلاد، بدلا من فتح الباب على مصراعيه للاستثمار في القطاع الدوائي بصناعته محليا حتى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي منه أو بنسبة مشرفة من ذلك على أقل تقدير، وهي مسألة لا تزال بعيدة المنال. أجد من الضرورة أن تفتح وزارة الصحة ذراعيها وأن تستعين بكفاءات التشغيل الخاصة في السعودية والتي باتت تشكل علامة فارقة ومميزة، وأصبحت تصدر هذا النجاح والتميز الإداري إقليميا عبر مراكز تميز ومستشفيات ناجحة في دول إقليمية بنجاح لافت. وزير الصحة توفيق الربيعة كان في الأيام الماضية يزور ويهنئ مستشفى سليمان فقيه لحصوله على جائزة تميز جديدة، وهي أحد الإنجازات اللافتة والمميزة لهذا الصرح الطبي العريق الذي يواصل النمو والتوسع منذ عقود طويلة وبشكل إداري بات مضربا للأمثال وفي كافة التخصصات المهمة. واليوم ها هو ينتقل بخبراته التراكمية التي تم اكتسابها عبر السنوات الطويلة ومن جيل إداري فيه إلى آخر، والانفتاح على كافة بيوت الخبرة الطبية المميزة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى القارة الأوروبية وصولا إلى اليابان في مركز الكبد الأشهر في المستشفى، والآن ستنتقل هذه الخبرة المميزة على صرح أحد أهم الصروح الطبية الجديدة في دبي، وذلك عند افتتاح مستشفى فقيه هناك. وما ينطبق على صرح سليمان فقيه الكبير ينطبق على غيره من النماذج الطبية الناجحة في السعودية التي تمكنت من القيام بالتجارب الناجحة داخل البلاد وخارجها، والأمثلة كثيرة مثل مستشفيات مغربي والسعودي الألماني ودلة والحبيب على سبيل المثال لا الحصر. وزارة الصحة بحاجة لقرارات حاسمة تقرر فيها توجهها وتنفذ «الشراكة» الحقيقية بينها وبين القطاع الخاص تماما كما حصل في الماضي حينما أقدم القطاع الصحي السعودي وأنشأ شراكة مع بيوت خبرة أمريكية وأطلق منظومة مستشفى الملك فيصل التخصصي، وكذلك الأمر في القطاع الصحي لأرامكو والقطاع الصحي للخطوط السعودية كلها كانت نماذج ناجحة للتعاون بين القطاع الخاص والقطاع العام. وزارة الصحة بحاجة ماسة لأن تحسم موقفها وتتحرك وتمد يدها للتعاون مع القطاع الخاص والتنازل التام عن قناعات الأمس الخاصة بالتشغيل الذي لم يعد مجديا وخصوصا في ظل دخول منظومة التأمين الصحي التي طال انتظارها، والتي من المفروض أن تحسم الكثير من الجدليات الإدارية وترفع من مستوى الأداء في ظل توفر السيولة بشكل دائم.