-A +A
خالد صالح الفاضلي
بعد تحديد معالمه، ورصف بعضه، مع رفده ببيوت إيواء على ضفتيه، (متباعدة عن بعض بمسافات لا تقل عن ثلاثة كيلومترات ولا تزيد على عشرة) سيكون طريق الهجرة (من مكة إلى المدينة) منارة دينية، اقتصادية، سياحية، اجتماعية، رياضية، نفسية، إنسانية، وحضارية.

أراه في مخيلتي (طريق الهجرة) محفوفاً بعلامات إرشادية، حاضناً لنقاط خدمات تحتوي بيوت إيواء، متاجر مستلزمات رحلات المشي، مطاعم، إسناد طبي، ومساكن قليلة للعاملين فيه، بينما بينه وبين السيارات خصومة بتأييد القانون وحمايته.


تأخرنا كثيراً، كثيرا، في إعادة تجسيد بعض ملامح السيرة النبوية، يأتي في الصدارة أهمية أن نعود بطريق الهجرة من حالة (قصة) في كتاب، إلى (حقيقة) نراها، نلمسها، ونمشي بين زواياها، وفي ذلك أيضاً تعظيم وتقديس.

أقول، إنه وبعد ألف وخمسمائة سنة تتضاءل قوة تأثير الكلمة في وجدان الأجيال، حتى لو كانت عن السيرة النبوية، يخفت الإدهاش وبالتالي التأثير، ونخسر -بشكل أو آخر- رغبة المتلقي في الاتباع.

لذلك، فإن إعادة كتابة السيرة النبوية بأدوات جديدة (الحجر بدل الحبر)، العيش داخل القصة بدلاً من الاستماع إليها، سوف يساعد في رفع درجة استقبال وتأثر الأجيال بالسيرة النبوية، نوع آخر من التعلم وفق أسلوب (ثلاثي الأبعاد) وربما زادت الأبعاد.

أراه -أيضاً- في مخيلتي، متحفاً إسلامياً مفتوحاً، وطريقاً للنساك، دروباً للباحثين عن اليقين، عن إجابات لأسئلة تحاصرهم، مع إمكانية تحول الطريق إلى وسيلة تساعد العابرين على التخلص من هموم حياة، أعباء نفسية، وابتعاد عن كآبة، ملاذاً للتأهين، حضناً للمرهقين.

نحتاج إحياء طريق الهجرة للمشاة، لغايات إيمانية، دينية، تربوية، نبوية، وطموحات وطنية واقتصادية، (أستحلفكم بالله أن تعيدوا لنا طريق الهجرة) مخصصاً للمشاة، فنحن ورب الكعبة بحاجة للتأكد بأن بعض المكتوب ليس مجرد حبر، أو مجرد فكرة كانت في رأس أحدهم قبل مئات السنين كتبها، نحن بحاجة إلى أن نرى، نلمس، نتيقن.

ينتشر حول العالم مجموعة من طرق الحجيج، في ديار وأديان متعددة، نتج عن وجودها قرى ومجتمعات مستقرة، مناطق آمنة، اقتصاديات متنوعة، أدبيات، ويعبرها (لغايات مختلفة) أقوام لا ينتمون لذات دين الطريق، يعبرونه من أجل البحث عن الله، من أجل اليقين.