-A +A
عبدالله صادق دحلان
عندما تكون القيادة على مستوى عالٍ من الشفافية، يكون الشعب على مستوى أعلى من الطمأنينة والاستقرار. كما أن الشفافية في تحليل القرارات السامية والخطط والسياسات الحكومية تقتل وتقضي على الإشاعات والتحليلات الخاطئة والمفرطة والمدسوسة على أبناء الوطن لإثارة القلاقل والفتن وتأليب ضعاف النفوس على قادة الوطن..

والحقيقة تابعت بإنصات إلى رؤية الوطن المستقبلية من خلال أحد أهم قيادات الوطن؛ ممثلة في ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على بعض الأسئلة التي تثار في أذهان بعض المواطنين وتجعلهم حيارى أمام تفسير بعض القرارات وتغيب عن بعض الإعلاميين والاقتصاديين وتجعلهم يعتمدون على التوقعات في تحليلهم، ولا ألومهم في حالة غياب التحليل من قبل مسؤول أعلى في الدولة، وهذا الذي تُطالب به دائماً القيادة الحكيمة بضرورة مواجهة المواطنين في كل مرحلة تمر بها البلاد وفي كل ظرف سياسي أو اقتصادي على أن يُقدم تحليل تفصيلي عن بعض من القرارات الإستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وشرح أبعاد هذه القرارات والإستراتيجيات والخطط ومبررات إصدارها وعوائدها الإيجابية على الوطن والمجتمع، وأجزم بأننا نتعامل مع شعب محب داعم ومساند لقيادته ولكنه يحتاج إلى أن يكون في الصورة أمام قيادته وعلى علم واطلاع بأبعاد القرارات الإستراتيجية والخطط والبرامج الجديدة والتوضيح له أين نحن وسط المتغيرات السياسية والاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية، وهذا فعلاً ما قام به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلته التلفزيونية مع قناة إم بي سي الأسبوع الماضي التي كانت لها ردة فعل إيجابية على مختلف المستويات الشعبية وعلى وجه الخصوص المثقفة والمتعلمة. ونظراً لأن الجانب الاقتصادي يُعنى بجميع فئات المجتمع فسوف أركز على أهم ما تم إعلانه من قبل ولي ولي العهد الذي كانت له ردة فعل إيجابية كبيرة لدى أفراد الشعب السعودي، وهو موضوع الإسكان؛ الهمُّ الكبير والعبء الأكبر على الشباب السعودي بمقتبل حياتهم، حيث أعلن الأمير محمد أن هناك ثلاثة أنواع للإسكان؛ الأول هو الإسكان المجاني الذي سيقدم للطبقة الفقيرة والمعدمة مجاناً، والثاني الإسكان المدعوم من صندوق التنمية العقاري وهو من المؤكد سيقدم لذوي الدخل المحدود، والثالث إسكان المستثمر الرئيسي (الحكومة) التي تبيعه للمواطن بأقساط طويلة الأمد قد تصل إلى 25 سنة بما لا يتجاوز ربحية 3% ولا يؤثر على دخل المواطن الرئيسي، وتوقع سموه أن تطلق في الربع الثالث من (2017). وأجزم أنه لو تم -وسيتم إن شاء الله- هذا المشروع، سوف يعالج قضية لها 50 سنة لم تعالج. أما الموضوع الاقتصادي الذي يهم نمو الاقتصاد في المملكة هو تصريح ولي ولي العهد أن التوجه العام هو مضاعفة الإنفاق الحكومي الداخلي على مشاريع تنموية وإنتاجية تسهم في خلق فرص العمل وخفض نسب البطالة، وهذا كان مطلبي في مقالتي الأسبوع الماضي، حيث أعلن سموه أن بيع 5% من أسهم شركة أرامكو سوف يوفر سيولة ضخمة قد لا نستطيع توفيرها خلال سنوات قادمة وسيعاد ضخها في مشاريع خدمات أو مشاريع تنموية جديدة تدعم الاقتصاد وتخلق الوظائف. وهو قرار حكيم وتوجه صحيح. تصريحات مسؤولة وشفافة من أبرز القيادات الاقتصادية في الوطن. وهذا يدفعني إلى توجيه رسالة إلى المهتمين بالتحليل الاقتصادي من المواطنين هي أن جميع التوقعات تشير إلى أن عام 2017م سيكون أصعب من الأعوام السابقة اقتصاديا، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد النمو الكلي في دول مجلس التعاون الخليجي تراجعا في عام (2017) من 2% إلى 0.9% وسيعود في الارتفاع في العام القادم إلى 2.5%، ويتوقع صندوق النقد أن هذا العام قد يكون آخر الأعوام في انتكاسة أسعار برميل النفط، وسيعاد ارتفاعه في السنوات الثلاث القادمة إلى ما بين 50 و55 دولارا.


وهذا ما يدفعني إلى تقديم النصيحة بضرورة ترشيد الإنفاق الفردي والأسري ومحاولة ضغط فاتورة الخدمات الأساسية والتوجه نحو الادخار. وحسب تقرير (ساما)، إن إدخار السعوديين ضعيف جداً مما دفع مؤسسة النقد إلى التدخل مرتين في العام الماضي لدعم السيولة في البنوك. وعليه، علينا أن لا نستعجل في إنفاق جميع دخولنا والتحوط بالادخار لمواجهة بعض الصعوبات الاقتصادية هذا العام. وإذا جاز لي أن أقترح فإنني أعيد مطالبتي السابقة بضرورة إنشاء خطة طوارئ لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأن تستطيع أن تتجاوز الأزمة الاقتصادية في عام 2017م. وقد يكون من الأجدى تأجيل بعض من الرسوم والأعباء لعام 2018م حتى يتعافى الاقتصاد ويعود إلى نموه المعتاد.

* كاتب اقتصادي سعودي