-A +A
سعيد السريحي
إذا كانت المحاولات الإيرانية المستمرة للتدخل في شؤون جيرانها ومحاولة حرسها الثوري المستميتة تقرير مصير الدول العربية التي تشهد اضطرابات داخلية، إذا كان ذلك كله يحدث في عهد رئيس محسوب على الجناح المعتدل في السياسة الإيرانية كما هو محسوب على التيار الإصلاحي، الذي تدعي أجندته الاعتدال وتسعى لإصلاح انحراف الثورة، إذا كان ذلك كذلك، فما الذي يمكن أن يفعله أكثر من ذلك أي رئيس متشدد أو متطرف يمكن أن تحمله الانتخابات القادمة إلى السلطة في إيران؟ وإذا كان ذلك كذلك، فما الفرق بين الرئيس «الإصلاحي» روحاني والرئيس «المتشدد» الذي سبقه أحمدي نجاد؟

إيران نموذج للدولة التي تحكم سياساتها الداخلية والخارجية فلسفة عقدية محددة ترى أن من واجبها كدولة أن تسعى إلى الاحتكام إليها في سياستها الداخلية كما تحرص على ألا تحيد عنها في سياستها الخارجية، ولذلك فإن علاقاتها بالعالم تظل مرهونة بما يحقق مصالح تلك الفلسفة العقدية بصرف النظر عن المصالح المشتركة التي يمكن أن تربطها بالعالم أو التنمية التي يمكن أن تتحقق لشعبها، ولذلك تبقى مفاهيم الإصلاح والمحافظة مفاهيم مفرغة من مضامينها ويبقى الرئيس الإيراني القادم مجرد نسخة من الرئيس المنتهية ولايته بصرف النظر عن الشعارات التي يتغنى بها خلال حملته الانتخابية، الرئيس الإيراني القادم مثله مثل من سبقه ومثل من سوف يلحق به، مجرد أشباح للفقيه الذي يشكل المرجعية لأي اتجاه أو تيار سياسي في إيران.


المأزق الذي وضعت فيه الثورة الشعب الإيراني أنها عزلته عن الوعي بمفهوم الدولة الحديثة وضخمت لديه الشعور بالحاجة إلى ظهور الإمام الغائب حتى انتهى إلى أن يكون هو نفسه شعبا غائبا تقوده الأيديولوجيا للقتال في عدة جبهات وتبقى جبهة التنمية في بلاده مفتوحة على احتمالات خراب قادم لشعب يخضع لسلطة مؤدلجة يقودها فقهاؤها الذين خرجوا على حين «صحوة» شيعية من حوزاتهم، حيث مكانهم التاريخي ليحتلوا كراسي السلطة في إيران يقودون الشعب إلى خارج التاريخ.