-A +A
محمد أحمد الحساني
لاحظت أنه كلما أدلى عضو أو عضوة في مجلس الشورى برأي اجتماعي حول قضية اجتماعية، وكان ذلك الرأي مخالفا لوجهة نظر بعض الكتاب الصحفيين والمثقفين وقطاع من المجتمع، فإن حملة شعواء منظمة ممنهجة تقوم ضد الرأي المخالف، حيث يجد القراء خلال الأيام التالية لطرح ذلك الرأي أن عددا من الكتّاب قد انبروا دفعة واحدة لدحض وتسفيه الرأي الذي لم يعجبهم وكأنهم اتفقوا ليلا على خطة محكمة لإطلاق حملة ضد صاحب الرأي «ومضوا على حرد قادرين» ليحمل كل واحد منهم قلمه ويملأ زاويته الصحفية بمقال مندد مسَفّه للرأي المخالف وصاحبه وليس في الأمر ما يسمى في علم النفس «تداعي المعاني»، لأن ذلك التداعي قد يحصل صدفة مرة أو مرتين وخلال فترات متباعدة، أما أن يصبح التفنيد حملة تشارك فيها مجموعة من «قطط شرمة»، وفق منهج معين، فإن الأمر يخرج عن دائرة الصدف وتداعي المعاني، ويكون الهدف الأساسي منه إسكات أي صوت مخالف بغض النظر عن صحته من عدمه، وهذا الأسلوب غير مقبول إطلاقا، لاسيما إذا جاء من كتّاب ومثقفين يزعمون أنهم مع الرأي والرأي الآخر وأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، بل هو نوع من التسلط والفكر الذي سبق أن مارسته جماعات متشددة باسم الدين فكان عملهم موضع نقد اجتماعي حاد، فكيف يمارس التسلط بعد ذلك باسم حرية الرأي إلا أن يرى المتسلطون أنهم يملكون الحقيقة الكاملة ويدافعون عن الحق المطلق، وهذا زعم لا يمكن أن يقول به عاقل، ولذلك فإن الأولى بحملة الأقلام من أصحاب الأحلام أن يناقشوا بهدوء ومنطق وبلا استعداء أو سخرية ما لا يروق لهم من آراء اجتماعية ما دام أنها تخوض في مواضيع قابلة للاجتهاد وأن يلتزموا بقاعدة الأدب في الحوار التي صاغها صاحبها صاحب مدرسة الرأي، الإمام الجليل أبو حنيفة عندما قال: إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، أما هذا الذي نقرأه من تهجم وهجوم منظم فليس من الرأي والمحاجة في شيء، وإنما هو تسلط فكري قائم، انتقاما من تسلط فكري نائم طالما كان محل النقد الصارم عندما كان سائدا فكيف ينهى الرجل عن خلق ويأتي مثله وهل هذا من الفلاح في شيء؟!.