-A +A
عبير الفوزان
في أواخر التسعينات كنت أكتب في صحيفة الاتحاد الإماراتية في الملحق الثقافي، باسم نصف مستعار، وكنت مزهوة بطرحي المتواضع الذي وجد صدى لدى النخبة من المثقفين، وليس من عامة القراء، متمثلة بقول الأرجنتيني خورخي بورخيس «أنا أكتب بالدرجة الأولى لنفسي، ولصفوة الصفوة من أصدقائي». كنت القلم النسائي الوحيد والأصغر تجربة وسنا في ملحق كبير ضم كُتاباً لهم ثقلهم، ما منحني غرورا لو وزع على نساء العالم لكفاهن.

في خضم تلك التجربة المثيرة تواصل معي أحد المحررين المسؤولين عن الصفحات الثقافية في جريدة الرياض بغرض الاستكتاب، وبعد أن أبديت استعدادي، قال لابد أن تتحدثي مع الأستاذ تركي السديري، رئيس التحرير، في البداية استغربت، لكن المسؤول أسر لي أن رئيس التحرير، يقف على كل صغيرة وكبيرة.


وبما أني وقتها، لا أعرف عن تركي السديري إلا صوره في الصحف، كانت المكالمة مفاجأة بالنسبة لي، ليس لقصرها فقط، بل لأن الصوت عكس ما توقعت، جاء حادا وسريعا، وأظنه لم يسمع مني سوى كلمة أو كلمتين، على الرغم من أنني وقتها ثرثارة ومغرورة، وقبل أن يغلق الخط قال لي بلهجة آمرة: ارسلي المقال ونشوف.

حاول المحرر المسؤول بعدها أن أبعث له بالمقال وألتحق بأسرة كتاب الرياض، بشرط لا صحيفة أو مؤسسة إعلامية غير الرياض، لكن صاحب الصوت الحاد الذي (كان يهاوش) كما قلت للمحرر، جعلني أحجم عن إرسال المقال، فلم أكن وقتها مستعدة لتكسير غروري، أو تحجيم ثرثرتي، فعشت تجاربي الأولى استكتابية، وصحفية في الإمارات.

رحم الله تركي السديري صاحب ذلك الصوت الذي مازال يرن في أذني عندما يأتي ذكره، لو كان لطيفا معي لما كنت ما أنا عليه الآن، أعمل في مؤسسة إعلامية كبرى، وأكتب في مؤسسة إعلامية أخرى، دون أن أنسى تجربتي الأولى في الإمارات، فلي منها نصيب حتى اليوم.

abeeralfowzan@hotmail.com