-A +A
علي بن محمد الرباعي
AL_AROBAI@

غاب (قائد) عن القرية فوق الشهرين، انتشر نسوة من القرية فوق الأجنحة، وأسطح المنازل يترقبن إطلالة التاجر الجوال. قالت غالية لجارتها رحمة: الله يصيبه، والله لنبزته بعشرة ريال، كما عين الجمل ليشتري لي كحلاً وقماش ستن. ردّت رحمة: «وأنا يخته خذت خمسة ريال من كمر الشيبة ليقضي لي لباناً، ووطى فينا شيبتنا قصة عشان خمسة الجن». تداخلت جارتهما الثالثة علياء: «أنا أعطيته بنجرتي الذهب يبيعها، وياهب لي واحدة أكبر منها، ضاقت على ذراعي». علّقت غالية: «والله ما عاد تسع من جواليق التمر اللي تسرين طول الليل تفقعين وتبلعين». تضاحكن وأكفهن على جباههن يترقبن الوافد.


صبيحة يوم الخميس ورجال القرية في السوق، أطل (قائد) من طرف القرية يحمل بقشته، يرتدي ثوباً أبيض، وقبعة مطرزة، ويحزم وسطه بكمر، فيما تلمع الكحلة في أهداب عينيه، وتفوح من جسده رائحة عطر الريفدور، خرج الموصيات لملاقاته عند أول باب يضع بقشته عليه، سلمن عليه، قالت إحداهن: «وشبك أحويت علينا يا عِرْبي أحصيناك ما عاد بتجي»، تبسم من قولها ورد: «والله ما أتخلف عنكن لو كان سيف الإمام فوق رقبتي، جزعت يم البلاد وتفقدت العيال، وصمت معهم رمضان، وثاني العيد حركت مع سائقي الشاحنات».

بدأ يسلّم ما أمن من لوازمهن بصوت عال «غالية هذا قماشك وكحلك»،رحمة «لبانك الشحري»، علياء «بنجرتك الذهب عيار خمسة وعشرين قضيتها والله من باب اليمن والشاهد ربي واحد لا غيره»، وصل صوت فرقنا مع النساء إلى أذن الفقيه المرابط في الخلف، سمع الضحك والدردشة، فأطل برأسه ونادى: «يا قائد إذا انتهيت من الحرائر مرّنيه قيّل عندي».

أنهى قائد جولته على القرية وسلّم الأمانات لأهلها، واستعد بتأمين وصايا جديدة، وانخرط على الفقيه، صب له القهوة وقدم له التمر، وبدأ يتنشده عن النسوان اللي شرين منه، وبخبث ما يخفى على قائد كان يحاول معرفة سر ارتياح نساء القرية لقائد، ومن هي اللي ضحكت بصوت عال، ومن هي اللي غمزت، واللي دقته في جنبه، كان قائد متحفظاً في ردوده. للمقالة بقية.. علمي وسلامتكم.