-A +A
حمود أبو طالب
كان مشهداً مهيباً في قصر الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بالرياض بعد ظهر يوم الأحد، القصر الذي خطف أنظار الحضور من إعلاميين ومراقبين ودبلوماسيين من كل دول العالم بفخامته الاستثنائية وكأنه صُمم لهذه المناسبة التاريخية، الجميع كانوا يترقبون ماذا سيقال وماذا سيحدث وعلى ماذا سيتفق هذا الحشد غير المسبوق من قادة العالم العربي والإسلامي مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يصل الرياض في أول زيارة خارجية له وفي ظل ظروف بالغة الحساسية والتأزم. الصحفيون ومندوبو وسائل الإعلام العالمية يجوبون القاعات الباذخة ليستطلعوا آراء الحضور وتوقعاتهم، الكل كان متفائلاً لكن التفاؤل لم يكن ليصل إلى ما أسفرت عنه القمة بنتائجها التي فاقت أفضل التوقعات.

كان الملك سلمان في خطابه واضحا ومباشرا وصادقا وأمينا في طرح الحقائق وتشريح الواقع وتسمية الأشياء بأسمائها دون مواربة، لقد تجلت فيه الخبرة الطويلة في التعاطي مع قضايا السياسة، وأيضا الحزم والعزم في التعبير عن الموقف السعودي والعربي والإسلامي تجاه كل ما يحدث، لكن كان الترقب والانتظار المقلق لما سوف يقوله الرئيس ترمب. هل سيكون مفاجأة سلبية تقوّض الآمال والتطلعات، أم إيجابية تفتح بوابات الأمل بواقع جديد يسعى لإنهاء المآسي الإنسانية الكارثية التي تعصف بالعالم وتجعله في أسوأ مراحله في العصر الحديث.


بعد عبارات المقدمة البروتوكولية التي حرص خلالها على التعبير بشكل حميم ومؤثر عن دهشته وامتنانه للحفاوة التي لم يتوقعها دخل الرئيس ترمب في الملفات الهامة ليغير بشكل جذري الانطباعات السابقة عن توجهاته خلال حملته الانتخابية والفترة القصيرة التي تلت دخوله البيت الأبيض. كان خطابا عالي اللغة بالغ الوعي بالالتزام السياسي والأخلاقي الإنساني لأمريكا تجاه القضايا الراهنة وفي مقدمتها الإرهاب ورعاته وفكره ومنابعه وتمويله، وكذلك طبيعة العلاقات المستقبلية بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي بالتشديد على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك الجاد من أجل الأمن والسلام، وقد تمت صياغة البيان الختامي للقمة ليؤكد على تنفيذ أهم الالتزامات التي وردت في كلمات الملك سلمان والرئيس ترمب وبقية القادة الذين تحدثوا.

نكرر القول إن أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع ما انتهت إليه القمة، لكنها الرياض التي تفرش طريق الأمل وتضيء مصابيح التفاؤل بأدائها السياسي الاستثنائي المسؤول والمخلص والمترفع عن الهامشيات بالتركيز على المصيري في مستقبل العرب والمسلمين والإنسانية بلا استثناء.