-A +A
عبده خال
أيام قلائل وتهطل علينا مسلسلات رمضان، وخلال السنوات الماضية تكونت لدينا خبرة عن منحنى ومسار تلك المسلسلات، فالمسلسلات السعودية يغلب عليها التهريج والاعتماد على الإضحاك (ليس من مبدأ الفن للإضحاك) وإنما جريا على العادة، فبعد أن أسس مسلسل طاش ما طاش هذه الأرضية تناسخت كل المسلسلات وكأنها أرانب لا تعي أن الأرض غير الأرض والزمن غير الزمن والسرعة غير السرعة، ولأن التأسيس كان خاطئا ظلت الدراما المحلية في هذه الخانة ليس تجويدا بل تناسخ (وتناسخ شديد الرداءة) وبالرغم من المناداة بالانتباه للدراما والدعوة لدخول القطاع الحكومي (ممثلا في وزارة الإعلام والثقافة) كراعٍ وداعم للدراما لم يحدث هذا الأمر خشية من الأصوات المتشددة العالية التي أضاعت الفرص من تمكين العجلة الإنتاجية على الدوران، وبعد انفصال التلفزيون عن الإعلام وأصبح في نطاق الهيئة زاد الحال بلة على بلة، وإن كان هناك من أمل جديد في دخول القطاع الحكومي والخاص في خلق دراما محلية يمكن تعليق هذا الأمر على رقبة هيئة الترفيه بشرط أن لا يكون الهدف هدفا ربحيا فقط وإنما تتعدد الأهداف كخلق دراما وما تحتوي هذه العملية من تأهيل الكوادر الإخراجية والكتاب والممثلين ومهندسي الإضاءة والصوت والإكسسوارات (أي خلق صناعة متكاملة لكي يكون المنتج متكاملا أيضا)..

ولأننا غدونا خبراء بما يقدم من مسلسلات رمضانية فيمكن التنبؤ من الآن بأن المسلسلات الكويتية سوف نشاهدها من غير أن نتخلى عن علب المناديل إذ أضافت للدراما الهندية غلالة سوداء من الأحداث المتكررة ذات الطابع الفنتازي الجنائزي، أما المسلسلات المصرية فقد استعادت تطبيق أغنية أحمد عدوية (كله على كله)، فتجد في المسلسل كل أنواع الجريمة والانحلال المتسلحة بكل الألفاظ السوقية مما أدى إلى تدني الذائقة الفنية وجعل المشاهد في حالة انفعال مما يشاهد.. ومع الكوارث التي تحدث في سورية فقد حافظت المسلسلات السورية على نمط باب الحارة، وكأن الدنيا ليس بها سوى هذا الباب، ومع أن هذه المسلسلات تجنح إلى تعميق الأحداث إلا أنها تتماهى مع ما هو سائد من أفكار متواضعة..


هذه هي القاعدة وطبيعي أن توجد مسلسلات خارج هذا الهراء، وتأتي متسقة في فكرها وإدائها وتكون مظلومة إزاء كل ما يقدم من تسطيح وعدم احترام لذائقة المشاهد.. للأسف تحولت المسلسلات الرمضانية إلى مقصلة لقتل العملية الإنتاجية، إذ إن الجميع يريد العرض في رمضان بينما تصوم العملية الإنتاجية فيما عدا هذا الشهر.