-A +A
عبده خال
مفردة النكاح هي المفردة الأثيرة في الكثير من المجتمعات العربية، فما إن تطلق حتى يتحلق حولها الجاهل والعالم، وكأنها (الفياقرا) التي تستنهض الفحولة وإثباتها إما بالقول أو الفعل.

وتستأنس تلك المجتمعات بهذه المفردة، فما إن تطلق في مجلس حتى تنهمر الحكايات والطرف والتعليقات وإظهار العلوم الرابضة في الصدور بنشوة الفارس المقدم على رفع راية النصر، ففي أي مجلس تجد الجلساء منصتين وعلى وجوههم البشر فاعلم أن (السالفة) تدور حول النكاح.


ومع تداول هذه المفردة بكثافة لا تجد تناسبا بين ما يقال ويروى عن الفحولة وبين تعداد العوانس والمطلقات والأرامل، ولعدم وجود تناسب بين الحالتين تظن أن الأمر مجرد (طق حنك) وتنفيس لـ(تزجية الوقت)، لكن هذا الظن ينقلب حينما تسمع عن المناداة بالتعدد ويزداد يقينك بالفحولة الشعبية حين تستعرض أنواع الزواج التي ظهرت مؤخرا، فمنذ ظه ور زواج المسيار توالت أنواع من الزيجة كالمسفار وزواج الويك أند وزواج الوناسة وزواج العاشق والمعشوق وانفرطت السبحة... حتى وصلنا إلى جواز النكاح عبر (الماسنجر والسكايبي).

وبهذه الطريقة نحن نضيف بدعة عالمية، إذ أن جواز النكاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي سيؤدي بنا إلى حالة الله يعلم مداها، ونحن نعلم جميعا أن أعدادا كبيرة من الفتيات والفتيان (وكذلك الرجال والنساء) في أعداد العزاب وجواز هذه الطريقة تبقينا في حالة شذوذ.

وسوف تصبح أجهزتنا غرفا للنوم وسيجد الكثيرون في هذا الزواج تخففا من أعباء تكاليف الزواج المعروف وتخلصا من عنت المطالب والمشاوير والخلفة...أعتقد أن الحياة ستنقلب رأسا على عقب.

ولو انتقلنا إلى النقطة الجادة في ظهور مثل هذه المطالبات أو الباعث لخروج مثل هذا الجواز فإن واقع العنوسة يؤكد أنه وصل حد الانفجار، وليس من منافذ للتنفيس عنه إلا بمثل هذه المطالبات وهذه الإجازة.

وهو الواقع الذي يستوجب فعلا إيجاد الحلول الحقيقية لإخراج هذه الأعداد المهولة من تأزمها الجسدي وألاّ نكابر، فالواقع يشير فعلا لتأزم بلغ حد الانفجار، وما البحث عن مثل هذه الفتوى إلا بداية طوفان سيعم جريانه وينتقل من وسائل التواصل الاجتماعي إلى الواقع المعاش الفعلي.

فهل نترك شبابنا نياما داخل غرف أجهزتهم ينشئون أسرة وهمية ومستقبلا وهميا.؟

والسؤال على من نلقي مسؤولية إيقاف هذا الطوفان قبل أن تغرق المجتمعات بين أمواجه.؟

ولأن الظاهرة لاتزال مستمرة ليتنا نعيد التذكير بها في كل وقت..

Abdookhal2@yahoo.com