كنا نتمنى لو انتظر أمير قطر قليلا من الوقت حتى يجف حبر توصيات مؤتمر القمة الذي حضره في الرياض قبل أن يفجر قنبلته الجديدة التي تطايرت شظاياها على دول عربية شقيقة لقطر وكان للمملكة النصيب الأكبر منها، تلميحا وتصريحا. لقد اعتدنا على المفاجآت القطرية السلبية لكننا لم نكن نتوقع مثل هذه المفاجأة الجديدة لأنها خالية من كل مبادئ السياسة وفقيرة للدبلوماسية ومنزوع منها أبسط وأدنى قواعد وأدبيات العلاقات بين الدول، ناهيكم عن الدول الشقيقة التي تشترك في مصير واحد.
لم يكن هناك أبدا أي مبرر لما قاله حاكم قطر الشيخ تميم آل ثاني في حديثه الذي تطاير صباح أمس في كل مكان، لأنه لم يرد اسم قطر بالتحديد في أي فقرة تضمنتها خطابات المتحدثين في قمة الرياض أو في بيانها الختامي، إلا إذا كان سموه قد وقع لا شعوريا ضحية لعقله الباطن فانطبقت عليه مقولة: يكاد المريب... إلخ. والأسوأ من ذلك أنه بالإضافة إلى إدانته التلقائية لسلوك قطر السياسي، فإنه دخل في حالة من التضخم ليمارس التنظير لحكام معجونة أعمارهم بكل فنون وأدبيات السياسة ويحكمون دولا أكبر وأهم عاصرت أحداثا جساما وليست زوابع في فناجين كما يحدث في قطر.
لقد دفع الخيال بالشيخ تميم إلى توهم أن زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة -وهو يقصد المملكة- تزامنت مع حملة تستهدف قطر، وكأن كل ما كانت المملكة تريد إنجازه من هذه الزيارة التاريخية والمؤتمر التأريخي الذي عقد خلالها هو ترتيب حملة ظالمة على قطر تستهدف ربطها بالإرهاب وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار، كما يقول. بل إنه يتمادى إلى حد ادعاء معرفة أسباب هذه الحملة المزعومة والتأكيد أنها لن تنجح بسبب «التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأمريكي». بخ بخ لهذا العمق والدهاء السياسي.
بالنسبة للمملكة، فإن أمير قطر أثابه الله قد خصها بنصيحتين ثمينتين تعليقا على القمة التي عقدت فيها هي: العمل الجاد المتوازن بعيدا عن العواطف وسوء تقدير الأمور مما ينذر بمخاطر قد تعصف بالمنطقة مجددا، والثانية: ضرورة الاهتمام بالتنمية بدلا من المبالغة في صفقات الأسلحة التي تزيد التوتر في المنطقة. حسنا، أما التنمية فلا ندري ماذا رأى الأمير في زيارته للرياض، المدينة التي يفوق تعداد سكانها أضعاف أضعاف سكان قطر ومساحتها أضعاف أضعاف الدوحة، ماذا رأى في طريقه من المطار إلى قصر الضيافة فقط، نسأله رغم أنه يعرف ذلك الطريق جيدا ويعرف الرياض جيدا. وأما نصيحته بالعمل الجاد بعيدا عن العواطف وسوء تقدير الأمور فليته أول من يتمثل هذه النصيحة، فما أوقع قطر في مشاكلها مع الكثيرين سوى سوء تقدير الأمور الذي يتحدث عنه.
دعونا من كل ما سبق لنصل إلى الطامة الكبرى في حديثه التي ستجعل السياسة القطرية أضحوكة الأمم وسخرية كل ساسة العالم حتى المبتدئين منهم. يفيدنا الشيخ تميم وينصحنا ويحذرنا أيضا أن إيران قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها وليس من الحكمة التصعيد معها. إنها مفاجأة المفاجآت التي لم نكن نعرفها لولا الشيخ تميم جزاه الله خيرا. نعم فإيران هي ضامنة الاستقرار الذي ينعم به العراق ولبنان وسوريا وكذلك اليمن لأنها تنشر قوات حفظ السلام في هذه البلدان وليس الميليشيات والجواسيس والعملاء، وتغدق عليها بمنتجات العلم المفيد للبشر وليس الصواريخ والقذائف والألغام. والآن فقط بعد حديث الشيخ تميم عرفنا أن إيران لا تتدخل بوقاحة في شؤون دول الجوار ولا تحاول نشر الفوضى فيها. كل الزعماء والقادة الذين أكدوا خطر إيران في مؤتمر القمة كانوا مخطئين وظالمين لإيران عندما حذروا من ممارساتها الهوجاء ما عدا الشيخ تميم، عرّاب السياسة وفقيهها. أليس هذا فتحا سياسيا قطريا جديدا؟. وما دامت إيران ضامنة الاستقرار فمن نافلة القول أن يعتبر الشيخ تميم حزب الله رمز المقاومة وحماس الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وعلى هذا القياس فهو يفخر أيضا بعلاقة قطر مع إسرائيل ويمتدحها.
يا سمو الأمير:
إن المرء ليحزن أشد الحزن على هذا الانتحار السياسي المستمر لدولة شقيقة والذي كلفها خسارات متوالية وسينتهي بها إلى العزلة التي لن تنقذها منها إيران ولا التنظيمات الإرهابية التي تحتضنها وتدعمها والتي تصر على عدم تصنيفها كذلك رغم اتفاق الجميع على أنها كذلك. لم نشاهد أسامة بن لادن للمرة الأولى بعد كارثة 11 سبتمبر إلا في قناة الجزيرة التي استمرت بعد ذلك منبره الإعلامي ومنبر كل الإرهابيين والمنشقين والمخربين والعملاء من بعده، ويستحيل أن يتم ذلك دون ضوء أخضر ورعاية حكومية. لقد تآمرت قطر مؤامرات فاضحة وكريهة لكنها ضحلة وبدائية ومكشوفة في أماكن كثيرة وعلى أقرب الأقربين لها، وحاول الكبار ستر عورتها ونصحها بعدم العودة لكنها تصر على الاستمرار مثل الأخ الصغير العاق الذي لا يسمع النصيحة، لكن هذه المرة تجاوز الأخ الصغير كل الحدود وإذا لم يتم إنقاذه من نفسه فإن نهايته سيئة جدا.
habutalib@hotmail.com
لم يكن هناك أبدا أي مبرر لما قاله حاكم قطر الشيخ تميم آل ثاني في حديثه الذي تطاير صباح أمس في كل مكان، لأنه لم يرد اسم قطر بالتحديد في أي فقرة تضمنتها خطابات المتحدثين في قمة الرياض أو في بيانها الختامي، إلا إذا كان سموه قد وقع لا شعوريا ضحية لعقله الباطن فانطبقت عليه مقولة: يكاد المريب... إلخ. والأسوأ من ذلك أنه بالإضافة إلى إدانته التلقائية لسلوك قطر السياسي، فإنه دخل في حالة من التضخم ليمارس التنظير لحكام معجونة أعمارهم بكل فنون وأدبيات السياسة ويحكمون دولا أكبر وأهم عاصرت أحداثا جساما وليست زوابع في فناجين كما يحدث في قطر.
لقد دفع الخيال بالشيخ تميم إلى توهم أن زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة -وهو يقصد المملكة- تزامنت مع حملة تستهدف قطر، وكأن كل ما كانت المملكة تريد إنجازه من هذه الزيارة التاريخية والمؤتمر التأريخي الذي عقد خلالها هو ترتيب حملة ظالمة على قطر تستهدف ربطها بالإرهاب وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار، كما يقول. بل إنه يتمادى إلى حد ادعاء معرفة أسباب هذه الحملة المزعومة والتأكيد أنها لن تنجح بسبب «التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأمريكي». بخ بخ لهذا العمق والدهاء السياسي.
بالنسبة للمملكة، فإن أمير قطر أثابه الله قد خصها بنصيحتين ثمينتين تعليقا على القمة التي عقدت فيها هي: العمل الجاد المتوازن بعيدا عن العواطف وسوء تقدير الأمور مما ينذر بمخاطر قد تعصف بالمنطقة مجددا، والثانية: ضرورة الاهتمام بالتنمية بدلا من المبالغة في صفقات الأسلحة التي تزيد التوتر في المنطقة. حسنا، أما التنمية فلا ندري ماذا رأى الأمير في زيارته للرياض، المدينة التي يفوق تعداد سكانها أضعاف أضعاف سكان قطر ومساحتها أضعاف أضعاف الدوحة، ماذا رأى في طريقه من المطار إلى قصر الضيافة فقط، نسأله رغم أنه يعرف ذلك الطريق جيدا ويعرف الرياض جيدا. وأما نصيحته بالعمل الجاد بعيدا عن العواطف وسوء تقدير الأمور فليته أول من يتمثل هذه النصيحة، فما أوقع قطر في مشاكلها مع الكثيرين سوى سوء تقدير الأمور الذي يتحدث عنه.
دعونا من كل ما سبق لنصل إلى الطامة الكبرى في حديثه التي ستجعل السياسة القطرية أضحوكة الأمم وسخرية كل ساسة العالم حتى المبتدئين منهم. يفيدنا الشيخ تميم وينصحنا ويحذرنا أيضا أن إيران قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها وليس من الحكمة التصعيد معها. إنها مفاجأة المفاجآت التي لم نكن نعرفها لولا الشيخ تميم جزاه الله خيرا. نعم فإيران هي ضامنة الاستقرار الذي ينعم به العراق ولبنان وسوريا وكذلك اليمن لأنها تنشر قوات حفظ السلام في هذه البلدان وليس الميليشيات والجواسيس والعملاء، وتغدق عليها بمنتجات العلم المفيد للبشر وليس الصواريخ والقذائف والألغام. والآن فقط بعد حديث الشيخ تميم عرفنا أن إيران لا تتدخل بوقاحة في شؤون دول الجوار ولا تحاول نشر الفوضى فيها. كل الزعماء والقادة الذين أكدوا خطر إيران في مؤتمر القمة كانوا مخطئين وظالمين لإيران عندما حذروا من ممارساتها الهوجاء ما عدا الشيخ تميم، عرّاب السياسة وفقيهها. أليس هذا فتحا سياسيا قطريا جديدا؟. وما دامت إيران ضامنة الاستقرار فمن نافلة القول أن يعتبر الشيخ تميم حزب الله رمز المقاومة وحماس الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وعلى هذا القياس فهو يفخر أيضا بعلاقة قطر مع إسرائيل ويمتدحها.
يا سمو الأمير:
إن المرء ليحزن أشد الحزن على هذا الانتحار السياسي المستمر لدولة شقيقة والذي كلفها خسارات متوالية وسينتهي بها إلى العزلة التي لن تنقذها منها إيران ولا التنظيمات الإرهابية التي تحتضنها وتدعمها والتي تصر على عدم تصنيفها كذلك رغم اتفاق الجميع على أنها كذلك. لم نشاهد أسامة بن لادن للمرة الأولى بعد كارثة 11 سبتمبر إلا في قناة الجزيرة التي استمرت بعد ذلك منبره الإعلامي ومنبر كل الإرهابيين والمنشقين والمخربين والعملاء من بعده، ويستحيل أن يتم ذلك دون ضوء أخضر ورعاية حكومية. لقد تآمرت قطر مؤامرات فاضحة وكريهة لكنها ضحلة وبدائية ومكشوفة في أماكن كثيرة وعلى أقرب الأقربين لها، وحاول الكبار ستر عورتها ونصحها بعدم العودة لكنها تصر على الاستمرار مثل الأخ الصغير العاق الذي لا يسمع النصيحة، لكن هذه المرة تجاوز الأخ الصغير كل الحدود وإذا لم يتم إنقاذه من نفسه فإن نهايته سيئة جدا.
habutalib@hotmail.com