عمر أبو رزيزة
عمر أبو رزيزة
-A +A
عمر سراج عمر أبو رزيزة
الصاعقة التي ضربت محطة نجد بعروس الجنوب أبها أخيرا، وبالتحديد خزانات الوقود فيها، بالتزامن مع الأمطار التي هطلت بغزارة على المنطقة كانت مفزعة ومفجعة بمعنى الكلمة، ونحمد الله أنها قد انتهت على ما انتهت عليه - حفظ الله المسلمين في بلادنا الغالية، وفي كل أنحاء المعمورة من كل سوءٍ ومكروه.

أثار هذا الحادث في نفسي ما كنت ولا أزال أنادي به من ضرورة العمل على تجنيب مناطقنا السكنية -خاصة ما كان منها كثيف السكان - أي محطات أو خزانات وقود، أو مصافي بترول. إن ما تعرضت له محطة نجد للوقود بأبها يمكن أن تتعرض له - لا قدر الله - أي محطة أو خزان وقود أو مصفى بترولي في أي من مدن المملكة الغالية. ولما كان حدوث صواعق مصاحبة للأمطار أمراً واردا، فإن من الواجب علينا أخذ كامل الحيطة والحذر عند إعطاء رخصة بناء محطة أو خزان وقود، ومن أبرز تلك الاحتياطات عدم السماح ببناء مثل هذه المنشآت في المناطق السكنية أو بجوار منشآت مهمة مثل محطات التحلية، والمستشفيات، والمدارس، والمناطق العسكرية وما شابه ذلك، نظرا لصعوبة التعامل مع مثل هذه المنشآت العامة في الإخلاء والإطفاء. لقد صرنا نسمع بين الحين والآخر عن وقوع مثل هذه الصواعق في بعض مدن المملكة. وفي كل المرات تجلى لطف الله فكان المصاب شجرة أو سيارة أو منزلاً. ولكن في أبها صوبت الصاعقة ضربتها نحو محطة وقود بل أصابت خزانات الوقود تحديداً بها. وقد حملت وسائل الاتصال صوراً حية مفزعة للانفجار وألسنة اللهب وهي ترتفع فوق المحطة بشكل مخيف.


كما أن الحادث المؤلم الناتج من اصطدام سيارة بناقلة وقود وما تسبب عنه من حريق هائل في طريق الحرمين الذي يربط مكة المكرمة بجدة الشهر الماضي، مؤشر إلى الحاجة لمزيد من الاهتمام بطرق الوقاية عند نقل الوقود من منطقة إلى أخرى، لذلك فإنني من هذا المنبر أدعو وزير الشؤون البلدية والقروية وأمناء الأمانات، ومسؤولي الدفاع المدني الأكارم بوزارة الداخلية، والجهات المختصة ذات العلاقة للتفضل بدراسة ومراجعة مواقع محطات وخزانات الوقود، ومصافي البترول القائمة حاليا في جميع مدن المملكة، والتكرم بوضع معايير وأسس لاختيار وتحديد المواقع التي يُسمح فيها ببناء محطات وخزانات ومصافي بترول جديدة، كما أدعوهم في نفس الوقت إلى التكرم بمراجعة طرق الوقاية المعمول بها، وتطويرها كلما دعت الحاجة إلى ذلك لحماية الناقلات وفق المعايير والمواصفات العالمية التي وضعت خصيصا لهذا الغرض. وإنني لعلى يقين بأن المسؤولين هم الأكثر حرصا على تأمين أرواحنا ومنشآتنا، والأكثر اهتماما بالتعامل مع مثل هذين الحدثين والاستعداد لهما بما يناسبهما. وآمل أن تأخذ هذه الدراسات الأبعاد الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية بعين الاعتبار على أسس علمية وعملية واقتصادية، وأن تتواءم مواد البناء في تلك المحطات والخزانات مع مواصفات أمثالها عالمياً إذ المعروف أن البعد الأمني أصبح يؤخذ في الحسبان بدرجة غير مسبوقة.

ونقترح أيضاً أن تشمل الدراسة فرض الالتزام بوضع الأجهزة المانعة للصواعق على هذه المنشآت بحيث تكون أحد شروط رخصة إقامة البناء لأهميتها، خاصةً أن العلم قد تقدم كثيراً في هذا المضمار.