-A +A
عبير الفوزان
جدي، رحمه الله، كان رجلا حكيما، لكنه لم يكن رجلا متسامحا مطلقا، كان هذا أسوأ ما فيه، على رأي العائلة، لذا لم يكن أحد يجرؤ على استغلال أبنائه وهم صغار، خوفا من والدهم، كما لم يكن أحد يجرؤ على الإساءة له بإدخاله في مهاترات، أو أن يسلبه شيئا يعد ملكا له.. لقد كان سور عائلتنا عاليا جدا بفضل سياسة جدي الحكيمة وغير المتسامحة.

استرجعت دروس جدي وأنا أرقب المشهد بعد تصريحات أمير دولة قطر الشقيقة، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لم استغرب تصريحات سموه، إذ كنت مولعة بمراقبة المشهد العجيب منذ زمن، لكني استغربت مما حدث بعد الساعتين من التصريحات، وليس سرا لو قلت أني وجدت نفسي مليئة بالفضول لمعرفة ما يحدث وراء الكواليس، في بيت الجيران القطري مما أشغلني عن صراخ الغوغائيين والشعبويين وتخوين الإعلام السعودي، بداعي المحافظة على اللحمة... التي صار دعاتها دجاجا في مهب الريح!


الاختراق ليس عذرا يليق بسيادة، بل عذر يليق بمكتب محاماة في بنما انكشفت قائمة عملائه السريين، فلجأ لهذه الحيلة حفظا لماء الوجه. فهل قطر بحاجة أن تحفظ ماء وجهها، أم أن شقيقتنا قطر مستهدفة من قبل الإرهابيين، وتعاني من الاختراق بصمت ونحن لا ندري؟!

هل كان محكوما على قطر أن تقول ما قالت، وتتعمد ذكر حادثة الاختراق إمعانا في استغفال الدول الشقيقة الأخرى، دون إبداء أدنى احترام أو تقدير لهم، ليهب بعدها جيش الإخوان المتلون المنافق الخائن ليدافع عن واقع يعرفه الجميع، لكنه أوجس خيفة مما سيحدث.

الخوف جعل (الدجاج) يفكر بـ(اللحمة)، وليست اللُحمة التي يدعون.. الخوف جعل المرضى يرمون الأصحاء بمرضهم (رمتني بدائها وانسلت) فالمرتزق يعد نفسه شريفا، بينما ينعت الوطني بالمرتزق والوطنجي!

مع الأسف.. في هذا الزمن.. لا تستطيع أن تقيس سذاجة البعض، ولا خبث البعض، إلاّ بمواقف مثل تلك تخترق قلوبهم وعقولهم، فيصبحون كدجاجة تشوى على خازوق وهي حية.