-A +A
عبدالعزيز معتوق حسنين
استقصاء شخصي عبر (الواتساب) قادني إلى هذا المقال؛ قمت بإرسال رسالة إلى حوالى 175 شخصا مسجلين لدي سألتهم من تفضل معرفته؛ 1– صديق مجنون، أم 2 – عدو عاقل، وسأذكر النتائج في نهاية المقال، كان إعرابي على سفر فمر بغابة موحشة سمع فيها صوت دب فذهب إليه فوجده مربوطاً في جذع شجرة كبيرة، وكان الدب جائعا ضمآن فاقترب منه الرجل وحل عنه وثاقه ثم أطعمه وسقاه، أحس الدب بما فعله هذا الرجل من معروف وكيف إنه أنقذ حياته وأعاد إليه قواه، فلازمه ولم يتركه يسافر وحده، وسار الرجل والدب وقد توثقت بينهما الصداقة والمودة، حتى وصلا إلى أحد البساتين فأراد الرجل أن يأخذ قسطا من النوم، فاستلقى الدب بجانبه يحرسه، وأخذت ذبابة تطن فوق الرجل، تريد أن تستقر على وجهه وهو نائم، فحاول الدب إبعادها ولكنها كانت عنيدة، التفت الدب يبحث عن شيء يبعد به الذبابة عن وجه الرجل، فوجد حجرا كبيرا أخذه بيديه وهوى به على وجه الرجل حيث كانت الذبابة، فهشم الحجر رأس الرجل ومات من فوره، في حين طارت الذبابة قبل أن يمسها الحجر. الصداقة من الأمور المحببة التي لا بد منها في هذه الحياة، فالإنسان منا يحتاج إلى صديق يحفظ أسراره ويلجأ إليه وقت الضيق ويتخذه ملاذا لتفريج الهموم والهرب من مصاعب ومعكرات الحياة المعروفة، كما أنه كالناصح أو المرشد أو المستشار في الأمور الدقيقة والحساسة التي تحتاج إلى تروٍ وعدم استعجال في البت فيها أو صنع القرار اللازم لها، ولكن علينا الحذر في اختيار الصديق.

علينا أن نحرص حرصا شديدا فيمن نعطيه كل ما لدينا من أسرار وأخبار، لا ينبغي لأحد من الناس الاطلاع عليها، كم منا اليوم لديه صديق بهذه الصفات، قال ابن الأعرابي: الجنان مأخوذ من جنان السوق إذا كسدت فكأنه كساد العقل والرأي، فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر من الأمور. والحق غريزة لا تنفع فيها الحيلة وهو داء دواؤه الموت.


نصل إلى نتائج البحث، إجمالي من رد 20 فقط، 4 اختاروا (صديق مجنون) و14 اختاروا (عدو عاقل) و1 رفض الاختيار و1 اختار (صديق عاقل). ولكن ما جذبني هو شرح مستشار قانوني يحمل الدكتوراه في القانون كان اختياره (عدو عاقل) وشرح وقال: عدو عاقل يحميك من نفسه، أما صديق مجنون فيحميه من نفسك فعدو عاقل يجعلك دائما تبالي بنفسك حتى لا تخطئ ويستغل عدوك خطأك بيدك، أما صديق مجنون قد يجرك معه إلى التهلكة وهو لا يبالي إلا بنفسه ولا يقدر قيمة نفسك لديه، من جهتي اختار العدو العاقل ولكنني أتحسب له كي لا أخطئ في حق نفسي فيأخذها عليّ ويغلبني. أما الصديق المجنون فلعلي آخذ بمنطق طائر البطريق في علاقته، فأنا في طريق وهو في طريق، قال صالح عبدالقدوس:

احذر الأحمق أن تصحبه ** إنما الأحمق كالثوب الخرق

كلما رقعته من جانب ** حركته الريح وهنا فانخرق

كحمار السوق إن أقضمته ** رمح الناس وإن جاع نهق

ومن صفات الصديق المجنون أنه لا يكتم السر بل يضيق بالسر ذرعا ولا يحتمله. نعم جاء عن أبي حازم، قال: أَن يبغضك عدوك المسلم خير من أن يحبك خليلك المجنون.

للتواصل: (فاكس 0126721108)