-A +A
حمود أبو طالب
في تغطيتها للأزمة القطرية الخليجية، والإساءات المباشرة التي وجهتها للمملكة الوسائل الإعلامية القطرية الظاهرة والمتخفية وغيرها من فصيلة إعلام المرتزقة الذي يستكتب المأجورين، ذكرت بعض وسائل الإعلام التي تتصنع الحياد والموضوعية أن الحكومة السعودية وجهت إعلامها بكل أشكاله وأوعزت للكتاب وجندت منصات التواصل الاجتماعي لشن حملة على قطر، وذلك للإيحاء بأن حكومة المملكة هي البادئة بالهجوم والراعية له، وأنها بذلك تكون الساعية لإذكاء الأزمة بدلا من تهدئتها. هذا الطرح الخاطئ الملغوم لا بد من تفنيده لأنه أحد تكتيكات اللعبة الإعلامية لتشويه موقف المملكة بالمغالطات، ولأولئك الذين يقفون خلفه نقول:

إن ما يقوله الإعلام السعودي الرسمي وشبه الرسمي والشعبي ليس هجوما على قطر وطناً وشعباً، وإنما نقد ومكاشفة وتوضيح لخطايا السياسة القطرية التي تجاوزت حدود الاحتمال من أشقائها في دول الخليج. كما أن المملكة ليس في سياستها أبداً منهج التجييش بإصدار توجيهات رسمية سرية لوسائل الإعلام والكتاب لتنفيذ أجندة محددة تتبنى موقفا رسميا. وبكل أمانة أقول إنني أكتب منذ أكثر من 20 عاما حدثت خلالها كثير من المشاكل والأزمات السياسية، لكنه لم يحدث في مرة أن تلقيت توجيها أو إيعازا من الصحيفة التي أكتب فيها معطوفا على توجيه رسمي بقول شيء محدد لترويج موقف معين، ولعل زملائي الكتاب يؤكدون ذلك، لاسيما في الأزمات التي حدثت مع دول شقيقة.


في مثل هذه الظروف الأمر متروك لوسائل الإعلام والعاملين فيها وللكتاب والمثقفين وأصحاب الرأي لتقييم الموقف وتحمل مسؤولية اختيار طريقة التعامل معه دون ابتذال أو تزييف أو إساءة، وقد لا يعلم الكثير داخل وخارج المملكة أن الدولة قد لا تتفق أحيانا مع الانتصاف للوطن بالرد القاسي حتى وإن كان يستند إلى حقائق ومعلومات مؤكدة، وتطلب الهدوء والحلم وضبط النفس.

لذلك فإن كل ما يتم طرحه في وسائل الإعلام خلال هذه الأزمة ليس إلا موقفا وطنيا عاما بمبادرة من الشعب المؤمن بوطنه، دون توجيه من جهة رسمية ودون إملاء أو قسر. نحن هنا -يا من تدسون السم في الكلام الناعم- لا نصنع الأبواق ولا نستأجرها، هذه صنعتكم وليست صنعة الشرفاء.