-A +A
لجين عبدالله
ذات ظهيرة كانت أمي تناقشني عن نوع الكتب التي أقرأها، وكانت كأغلب الأمهات العربيات تحرص أن لا أخرج عن القطيع بدافع الحماية الفكرية، كانت تخشى علي الانجراف خلف تيارات تظن أنها ستشوه الفتاة العربية بداخلي، بيد أن القراءة جعلتني إنساناً، كنت من مرحلة مبكرة ذات شغف بالكتب والعلوم، وأرى من النبل أن أشتري كتبي من مصروفي الخاص فالعلم يُؤتى إليه ولا يُهدى، تنوعت قراءاتي بين العلوم والفلسفة والمنطق والأدب العالمي، وكنت في كل مرة أفتح فيها كتابا يجرني إلى الهاوية في بدايته حتى يملؤني إيمانا وبصيرة حالما أفرغ منه.

خوفك على طفلك من الاختلاف قد يولد عقدة الذنب لديه، فيصبح ذاك الذي يحمل بداخله شغفا بالمعرفة وفضولا علمياً يرى أن اختلافه سمة سلبية فيسعى لتشكيل نفسه من جديد ليلائم القطيع، ويرتاح من العيب الذي وُلد معه، ويمضي طيلة حياته متجاهلاً الصوت بداخله حتى يُرضي الآخرين، وأول هؤلاء الآخرين هو أنت.


أمي سيدة مثقفة مطلعة، لكنها ترى أني انشغل في أمور تظن أنها محسومة وغير قابلة للتفكيك وإعادة الهيكلة، أرى أننا أبناء الحقبة التسعينية شجعان بما يكفي لنأخذ المعلومة دون فلترة، بينما السائد في جيل آبائنا أن من يقرأ يأخذ المعلومة بخوف وقلق فيتم فلترتها حسب الطابع الاجتماعي، حتى العلم أصبح ملقنا ذَا صورة واحدة نمطية.

لدافع الخوف الذي يجعل الوالدين قلقين على الدوام ويَرَيان اختلاف اهتمامات طفلهما إشارة سيئة وعاراً وينتابهما القلق آثار قبيحة وكفيلة أن تجعل من طفلك نسخة معدلة كما يريد المشاهدون.

قد لا يكون ابنك قويا بما يكفي ليقف أمامك ويعبر عن رأيه بثقة وحزم بأنه واع ومدرك لما يقع تحت يديه وأنه واثق تمام الثقة بأن من سمع صوته الداخلي واتبع شغفه سيكسب ذاته لا الآخرين.

حين تزرع الحدود بينك وبين طفلك، ويصبح ما بينكما أوامر وتنفيذ، سيكون نتاج ذلك شخصية هشة ضعيفة كالشخصية العربية النمطية تماما، ناقش ابنك بدافع الحب لا الخوف وتقبل اختلافه كهدية.

lujain.alrefaei@gmail.com