-A +A
سعيد السريحي
أولئك الذين كانت أصواتهم قبل ثلاثين عاما تلعلع من على المنابر ولا تتورع عن التشكيك في انتماء كثير من أبناء الوطن واتهامهم بالتآمر ضده ووصفهم بأنهم من «زوار السفارات»، أولئك الذين كانوا يوهمون الناس أنهم هم وحدهم من هداهم الله إلى الحق، وهم وحدهم من يعملون لصالح المجتمع، وهم وحدهم القادرون على كشف الحقائق وفضح أعداء البلاد، أولئك الذي أسسوا للتشدد ورصفوا الطريق للفكر الإخواني كي يعشش بيننا ويفرخ كذلك، أولئك الذين لا نسمع اليوم لهم صوتا، وإذا ما تجرأ أحدهم على الظهور في وسائل الإعلام فإنما لكي يروج لنوع من العطور وبعض أصناف الأطعمة والأشربة، وليس ببعيد من أن نجد بعضهم ذات يوم يروج دعاية لملابس النوم، ولن يكون مشهدهم آنذاك بأكثر «فضائحية» من صورهم واجتماعاتهم ولقاءاتهم في قطر مع من كشفت الوثائق تورطهم في تعزيز الفكر المتطرف ودعم الجماعات الإرهابية.

أولئك الذين ينتظر المجتمع منهم كلمة اعتذار عن تاريخ لهم غير مجيد ولا نظيف مع أبناء الوطن، تاريخ لم يتركوا فيه تهمة لم يلصقوها بأبناء الوطن، أولئك الذين مثلوا على الناس أدوار الدعاة والوعاظ والمصلحين عليهم الآن أن يتبرأوا من تاريخهم ومن علاقاتهم ومن زياراتهم التي لا تخلو من شبهة ما دامت زيارات لبلد مشبوه يجمعهم خلالها برجال تدور حولهم الشبهات.


أولئك الذين لا يصدق عليهم إلا وضع «اعمل نفسك ميت» عليهم أن يخرجوا عن صمتهم وعن مسرحية الدعايات والإعلانات لا لكي يتبرأوا مما جنوه فحسب، وإنما لكي يكشفوا ما كان يدور بين رؤوس الفتنة في قطر.