-A +A
حمود أبو طالب
مع دخول الأزمة القطرية أسبوعها الثالث وبعد صمت مطبق خرج علينا حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء القطري السابق ليتفوه بعبارات يمكن تصديقها من أي شخص آخر إلا هو، لأنه آخر من يحق له الحديث عن الأخوة والجيرة وقيم الصدق والسلام والاحترام والوفاء. ويبدو أن النظام القطري ما زال يتوهم أن حمد بن جاسم الذي كان عرّاب السياسة القطرية الماكرة يستطيع أن يقوم بنفس الدور الذي كان يمارسه، وهذا خطأ شديد السذاجة بعد انكشاف الأوراق القطرية الملوثة بالغدر والطعن في الظهر والتآمر مع ألد الأعداء ضد أقرب الأقرباء.

حمد بن جاسم الذي حاك المؤامرات القطرية وأشرف عليها، والذي كان يقول إن من حق بلاده الصغيرة أن تلعب دورا كبيرا بالوسائل التي تراها مناسبة، والذي تدينه الإثباتات التي أعلنت والتي ستعلن لاحقا، لم يخجل من الخروج في محطة CNN ليلتمس من السعودية أن تنظر إلى قطر باعتبارها شقيقا أصغر وبلدا صغيرا، ولم يتورع عن الادعاء بأن الطريقة التي تعاملت بها وسائل الإعلام مع قطر هي إهانات لم تعتد عليها، بل إنه تمادى إلى حد مطالبة الرئيس الأمريكي ودول الخليج بالتحقيق في «الاتهامات» الموجهة إلى قطر ومعاملتها بطريقة عادلة.


الشقيق الأصغر يا شيخ حمد لا يسخر كل إمكاناته ووقته وتفكيره للغدر بشقيقه الأكبر، وقطر لم تكن تتعامل مع المملكة وبقية دول الخليج كشقيق حقيقي يعرف حقوق الإخاء وواجباته، وإنما تعاملت كخنجر مسموم في يد آثمة تستله في الخفاء لطعن الشقيق في ظهره بعد أن كانت تصافحه العلن، وأنت بالذات من فمك ندينك لأن مؤامراتك أصبحت مادة إعلامية يتابعها العالم كله، فكيف بالله تريد أحداً الآن أن يصدقك. وعندما تشتكي بالقول إن وسائل الإعلام أهانت قطر فكلامك غير صحيح مطلقا، حيث لم تتعرض وسيلة من وسائلنا لقطر الكيان وقطر الشعب وإنما تعرضت لقطر النظام والسلطة الحاكمة التي تتبنى سياسة التخريب والتآمر ودعم أعتى الإرهابيين، وكل ما نشرته وبثته وسائل الإعلام ليس اتهامات كما تقول أو ادعاء وتجنيا على قطر، بل معلومات موثقة مؤكدة لا زيادة عليها، إنها بضاعتكم الرديئة التي أراد الله كشفها لأنكم لم تستفيدوا وتتعلموا من صفح الكبار وتسامحهم وسترهم لعورات سياستكم، وإذا ما تم التحقيق مع قطر وذلك ما نتمناه فإنك ستكون من أول المدانين وأول المستحقين للعقوبة.

الآن ليس وقت الثرثرة يا شيخ حمد، وليس وقت الرهان على مزيد من التسامح مع نظامك. حذرناكم من غضب الحليم لكنكم كنتم تتذاكون، وأنت بالذات من أهم الناس الذين أوصلوا قطر إلى هذا الحال، ولو كان الشعب القطري بيده الأمر لبادر إلى محاكمتك قبل محاكمة المرتزقة الذين جلبهم نظامك ليعيثوا فساداً في قطر وجيرانها. ننصحك بالتواري عن الأنظار لأن تأريخك لا يشفع لك بالتصدي لقضية وطنية لا يتصدى لها سوى الوطنيين الشرفاء.