-A +A
خالد صالح الفاضلي
نعود الآن إلى بيت القصيد، لماذا أكثرت (دولة قطر) خلال سنوات ماضيات من وضع شيكات سوداء بين أيادي أوساطنا الثقافية، الفنية، الخطابية والمنبرية؟، ليس السعودية فقط، بل خليجياً وعربياً.

الشيكات السوداء (مال يتم دفعه من أجل شراء موقف)، ويتم اقتصاصه من ميزانيات سوداء ترصدها دول من أجل خدمة إيديولوجيا محددة، وأهداف بعيدة عن أعين شعبها، أو أجهزة رقابية تترصدها.


تتميز الشيكات السوداء بصفة (اللعنة الفرعونية) تلاحق أصحابها، تستعبدهم، وفي أزمات النزاعات والحروب يرتفع تصنيفها إلى (دليل مادي على خيانة مواطن لوطنه)، وهو تصنيف لم يكن قابلا للرؤية أثناء حيازة الشيك في زمن السلم.

يستهدف الشيك الأسود البرلمانيين، الأقليات السياسية، ثم اتسعت دوائر حنانه، واحتضانه للجسد الثقافي، وللمشاهير من وسائل التواصل الاجتماعي إلى منابر المساجد، ثم يحرقهم في زمن الأزمات بين إجبارهم على معاداتهم لبلدانهم، أو الخرس المطبق مقابل عدم التلويح بالشيك.

يستطيع كل حائز لشيك أسود (أو مجموعة شيكات) أن يبادر بإشهار قيمة كل شيك، وسبب حيازته، وأنه كان يعتقد بأن ذلك كان تقديراً لعلمه، لثقافته، لجهده، أو لشهرته، وأنه لا يعلم بأن المبالغة بقيمة الشيك كانت من أجل نوايا مبيتة لدى مصدر الشيك، وأنه يبرأ بذمته وعقيدته من تهمة (خائن لوطنه) من أجل شيك أسود.

تستمر الشيكات السوداء بملاحقة الجسد الثقافي على امتداد الوطن العربي (أقلام، أو منابر)، وسوف تكشف (٢٠١٧) حجم ليونة المثقف العربي، (الغالب الأسود) وعشقه للتنقل بين دواوين الحكومات، وهي سمة أصيلة في (الشعر العربي بصفته أبو الثقافة العربية) ثم ندرك بأن المثقف العربي لا يعمل إلا من أجل شيك أسود آخر.

يود المثقف العربي الحائز على شيك أسود أن يجد مخرجاً، لا تقلق عزيزي المثقف العربي، فأنت بطبيعتك لا تخالف امتدادك مع أجدادك في الثقافة؛ فالثقافة العربية مستمرة في سياق لقمة العيش، ولم ترتق بعد إلى درجة الأمانة الوطنية، الأممية، والعلمية.

jeddah9000@hotmail.comm