-A +A
هاني الظاهري
news-sa.com@

اللهجة السياسية التي بدأ يتحدث بها وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أخيرا تؤكد أنه بات يتلقى التوجيهات لإدارة ملف أزمة بلاده مع جيرانها بشكل مباشر من وزير الخارجية الإيراني «جواد ظريف»، فإعلان الدوحة أنها لن تتفاوض مع جيرانها قبل إلغاء قطع العلاقات، وأنها ترفض التفاوض على سياستها الخارجية وقناة الجزيرة جاء نتيجة زيارة نائب ظريف «حسين جابري أنصاري» للدوحة قبل أيام حاملاً فيها رسالة شفهية سريّة من القيادة الإيرانية..


تلك الرسالة وفقا للمعطيات اللاحقة لا يمكن أن تكون إلا أمرا مباشرا لحكومة قطر بتسليم ملف إدارة الأزمة القطرية لوزارة خارجية إيران التي تتوهم أنها أعلى كعبا في المفاوضات السياسية بعد نجاحها المدعوم من الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة «بارك أوباما» في المفاوضات التي أنتجت الاتفاق النووي الآيل حاليا للسقوط بضغط من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

طوال الأيام التي تلت قطع العلاقات مع قطر وحتى زيارة «أنصاري» للدوحة بقي القطريون في حالة إنكار ولهجتهم السياسية متخبطة في كل اتجاه لأنهم كانوا حينها يمتلكون جزءا يسيرا من قرارهم السياسي يمكنهم من العودة إلى محيطهم الخليجي إن أسعفتهم الحكمة، لكن الأمر اختلف بعد ذلك، إذ بات الحاكم الفعلي لقطر حاليا السيد «جواد ظريف» الذي اضطرته الأزمة للخروج من الظل وإدارة السياسة القطرية بشكل علني، لدرجة انطلاقه الأحد الماضي في جولة لعدد من الدول العربية في أفريقيا حاملا ملف الأزمة القطرية، وهي جولة بدأت بالجزائر وتشمل موريتانيا وتونس ولن تتوقف عند ذلك فهدفها الظاهر فك عزلة الدوحة وشراء الأصوات لصالحها، أما الرسالة المبطنة فهي إعلان أن قطر باتت تحت السيادة الإيرانية بشكل كامل، وعلى الدول العربية أن تتعامل مع طهران إذا أرادت أن تتعامل مع الدوحة، فقد حل زمن الظهور السياسي الإيراني في الجزيرة العربية بشكل ليس منه بد.

مشكلة الإيرانيين أنهم يعيشون في ظلمات الوهم السياسي منذ قيام جمهورية الخميني، فسياستهم الخارجية غير قادرة على إنقاذ إيران نفسها من العقوبات الدولية دون وجود عميل داعم في البيت الأبيض كما كان الوضع خلال رئاسة أوباما، وسياستهم الداخلية عاجزة عن كبح جماح الانهيار الداخلي الذي اقترب كثيرا.. النجاح الوحيد الذي يسجل لهم هو مقدرتهم على نقل عدوى هذا الوهم لأشباه الدول وأشباه الحكام، ومع ذلك سرعان ما يستفيق هؤلاء المصابون بالعدوى ويجدون أنفسهم عرايا من كل شيء.. ويمكن الرجوع للتاريخ لمعرفة المصير الأسود الذي حل بكل من أصيب بعدوى الوهم الإيراني خلال العقود الأربعة الماضية.

Hd.alhayat@gmail.com