-A +A
حمود أبو طالب
من المفارقات المحزنة أن يكون أبرز المهنئين لنظام الحكم القطري بمناسبة عيد الفطر الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينما تكاد تكون التهاني العربية غائبة تماما، لأن قطر لم تحتفظ بعلاقة طيبة مع أشقائها فحسب وإنما تعمدت إيذاءهم وزعزعة أمنهم بشكل مستمر وغير مسبوق في علاقات الدول، وإذا كان الرئيس الإيراني قد أكد خلال تهنئته تعزيز العلاقات مع الدوحة ووقوف إيران معها في أخطائها الفادحة فإن ذلك ليس مستغرباً من نظام ميليشياوي يحرص على تفجير الأوضاع في المنطقة ووجد في النظام القطري عميلا جديدا ومهما لتنفيذ أجندته مقابل ترسيخ أوهامه وطموحه المجنون ونزقه المنفلت، لكن المؤسف جداً هو موقف الرئيس أردوغان الذي سبق إعلانه مع بداية الأزمة وأعاد تأكيده صبيحة عيد الفطر في تصريحاته الإعلامية.

الرئيس أردوغان سبق وصرح بأنه لا يعرف عن رعاية قطر لمنظمات وجماعات إرهابية واستبعد ذلك لسبب نتفهمه هو وجود جماعة الإخوان في مقدمة تلك التنظيمات التي احتضنتها الدوحة ودعمتها وأطلقتها لإحداث الفتن واضطراب الأمن في بعض الدول العربية، لكن المزعج هو ما صرح به قبل أمس أن تركيا تؤيد موقف قطر من قائمة المطالب المقدمة لها، واصفاً هذه المطالب بأنها مخالفة للقوانين الدولية، ومعتبراً أن البند المتعلق بالمطالبة بانسحاب القوات التركية من قطر ينم عن عدم احترام لتركيا.


هذه سقطة لا تغتفر يا فخامة الرئيس من سياسي بتجربتك الطويلة يفترض أن يكون واعيا بماذا يعني وقوف العالم ضد الإرهاب ومنابعه وحواضنه، وخطورة التدخل في شؤون الدول بشكل تآمري عدواني. قطر لن تكون أبداً البديل لإنعاش فوضى الإسلام السياسي، المشروع الذي لقي دعمكم واحتضانكم لكوادره التي أصبحت معروفة لدينا ومحددة أهدافها التي افتضحت. إن دعمكم لقطر بهذا الشكل سيمضي بها إلى الهاوية ولن يتيح لكم استعادة زمن الباب العالي والخلافة العثمانية. الآن هناك دول قوية ذات سيادة ومكانة وثقل وتأثير، لديها شعوب ارتبطت بعقد وطني أخلاقي مع مؤسساتها الحاكمة، وتستطيع الدفاع بجدارة عن مقدراتها واستقرارها وتراب أرضها.

نحن ما زلنا نأمل يا فخامة الرئيس أن تكبح طموحك الخاطئ والخطير على استقرار المنطقة بإعادة قواتك في قطر إلى ثكناتها في تركيا لأنه لن يكون لها دور ولن يكون مسموحا لها بدعم العبث. لا تتهور كثيراً يا فخامة الرئيس لأننا لا نريد أن نخسر تركيا بعلاقاتنا الطويلة المتميزة معها.