-A +A
أنس اليوسف (جدة) 20_anas@
القيادة كما وصفها نورمان شوارزكوف «مزيج من الإستراتيجية والشخصية»، ولأن الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز خريج مدرسة التأسيس، وبيت التاريخ والمعرفة، لم تكن الـ120 ساعة الأولى في منصبه الجديد بولاية العهد عادية، بل ابتدأ مهماته الجديدة بجولات خاطفة، وقرارات حازمة، وحراك نشط على المستويات كافة.

وباعتباره ملهما لكثير من الشباب السعوديين، لم يكن خياراً أولاً فقط، بل كان الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، وكذلك هي الرؤية وعرابها، ليست إرادة فقط، بل تحديا للذات وللجميع، وللحاضر والمستقبل، ويبرهن ابن سلمان دوماً قدرته على تجاوز الصعاب حينما يقرع جرس العمل.


ومنذ مبايعته يوم الأربعاء الماضي، قبل 120 ساعة، دقت ساعة العمل مبكراً لديه، إذ استقبل العديد من المكالمات الهاتفية من قادة ورؤساء العالم ووزراء الدفاع في دول عدة، منهم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس المصري، وملك البحرين، وولي عهد أبوظبي، ورئيس جيبوتي، وغيرهم، الذين قدموا له التهنئة بالمنصب الجديد. وفي يوم الجمعة الماضي التقى الرئيس السوداني عمر البشير في جدة، إذ استعرضا العلاقات المشتركة وتطورات الأوضاع في المنطقة، وحرص على وداعه شخصياً من مطار الملك عبدالعزيز في وقت لاحق من ذات اليوم. ولم تغب الحالات الإنسانية عن بال الأمير قبيل عيد الفطر، حين وجه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم 66.7 مليون دولار استجابة منه لنداء منظمة الصحة العالمية ونداء منظمة اليونيسيف لمكافحة وباء الكوليرا ودعم المياه والإصحاح البيئي في اليمن للتخلص من مسببات وباء الكوليرا وفق الآليات المعمول بها في المركز، في خطوة تجسد اهتمامه بالقضايا الإنسانية داخل وخارج المملكة.

وفي صبيحة يوم عيد الفطر المبارك وبعد ساعات من صلاة العيد، لم تتوقف عجلة العمل لدى الأمير الشاب، إذ بادر بالتوجه إلى مستشفى قوات الأمن بمكة المكرمة، لزيارة رجال الأمن المصابين في إحباط المحاولة الإرهابية الفاشلة لاستهداف المسجد الحرام، إذ شاركهم فرحة العيد، وحرص على مصافحتهم، بل ومعانقتهم واحدا واحدا، والاستماع إليهم وهم يؤكدون له استعدادهم للتضحية بكل غال ونفيس فداء للدين والوطن، وتطلعهم إلى العودة لمشاركة إخوانهم في ميادين الشرف والبطولة مهمة الذود عن حياض الوطن، والحفاظ على مقدساته ومكتسباته، وتكريس أمنه واستقراره.

كما استقبل ولي العهد بعد هذه الزيارة مباشرة كبار المسؤولين والقادة في وزارة الدفاع، مهنئا لهم بعيد الفطر المبارك، وناقلاً إليهم تهنئة القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وأشارت صحيفة «فاينانشال تايمز» في تقرير لها قبل عدة أيام إلى أن الأمير محمد بن سلمان يعمل حتى الثالثة صباحا يومياً، بحسب مراقبين، ولا يؤمن سوى بلغة الأرقام، وتستمر اجتماعاته مع المسؤولين إلى ساعات طويلة في الليل، وقد يقطع حديث أحد المستشارين عند تقديمه عرضا لمشروع ما في حال لم يكن مدعوما بلغة الأرقام.