هذا ليس خيالا مستقبليا، فبالفعل الناس في عدد من دول العالم يكسبون مالا مقابل وضع نفاياتهم بأجهزة توجد في الأماكن العامة والمحلات والمدارس. وفي السعودية مؤسسات تعليمية معدودة وضعت هذه الأجهزة التي تعطيك مالا مقابل نفاياتك وتسمى هذه الأجهزة (Reverse vending machine) وبعد إدخال الشخص نفاياته فيها تعطيه مقابلا ماليا عنها، وتكون مخصصة لنوع محدد من النفايات كالعبوات البلاستيكية المستعملة، وهناك أخرى مختصة بأجهزة الجوال التي يريد صاحبها رميها بالزبالة وتعطيه مقابلا ماليا عنها، وهكذا، ومن ثم تقوم بضغط النفايات لتقليص حجمها وهذا يسهل إعادة تدويرها ويوفر تكاليف جمع ونقل وفرز النفايات ويقلل التلوث البيئي الناتج عن جمعها بالطرق التقليدية المختلطة ويمنع المناظر غير الحضارية لتراكم النفايات في الشوارع وما تمثله من خطر صحي عبر تكاثر الحشرات فيها، وهناك دول أوروبية ألزمت أصحاب المحلات بتوفير هذة الأجهزة حفاظا على البيئة. وفي العاصمة المصرية هناك حملة وطنية حاليا شجعت المواطنين على تسليم نفاياتهم المفروزة مقابل ثمن مالي وهي بهذا فوق منحها المواطنين دخلا إضافيا فهي تمثل حلا لأزمة تكدس النفايات في الشوارع ولاقت نجاحا كبيرا، وهناك طريقة أخرى لدفع ثمن للمستهلك مقابل نفاياته وهي منحه خدمات مجانية مقابلها؛ ففي مترو الأنفاق بالعاصمة الصينية توجد مثل هذه الأجهزة التي تأخذ العبوات البلاستيكية المستعملة لكنها تعطي صاحبها رصيدا ماليا لاستعمال جميع وسائل النقل العام في بكين بما فيها تذاكر القطار، وهذا بالنسبة للنفايات الصلبة غير العضوية، أما بالنسبة للنفايات العضوية كبقايا الطعام المطبوخ وغير المطبوخ فهناك أجهزة منزلية رخيصة أنيقة وصغيرة الحجم تسمى (Home Composting machine, Indoor composter machine, Food recycler- جهاز إعادة تدوير الطعام وتحويله لسماد) وتحول النفايات العضوية إلى سماد جاف كالتراب وبلا روائح ويمكن استعماله للزراعة في داخل وخارج المنزل أو بيعه لتحقيق دخل إضافي، وهناك أجهزة بأحجام أكبر تناسب المطابخ التجارية والمطاعم لتعيد تدوير نفاياتها العضوية وتبيعها وتكسب مالا إضافيا، وبالنسبة لمكة المكرمة فالنفايات الهائلة الناتجة عن موسم الحج والعمرة وأيضا بقايا إفطار صائم في الحرمين تعتبر مشكلة يعكف الباحثون على إيجاد حلول لها، ومجرد توفير حاويات فرز للنفايات لم يمثل حافزا للجميع؛ لأن الوعي البيئي لا يزال ضعيفا، لكن توفير أجهزة تعطي مقابلا ماليا عن فرز ووضع النفايات فيها يمثل حافزا ومكسبا للجميع، كما أنه يرسخ السلوك الحضاري بعدم رمي النفايات في المرافق والأماكن العامة كالحدائق والشواطئ والشوارع.