-A +A
«عكاظ» (جدة)
جاء عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حاسما وصارما، ليس في مجال العلاقات الخارجية والملفات الساخنة فقط، بل شمل كل مفاصل الدولة فأعاد صياغة هويتها وأزال التقاطعات بين أجهزتها، ووجه بوصلة مخططاتها باتجاه المستقبل برؤية واضحة ومخططات مجدولة مرحليا وزمنيا.

ويعتبر إزالة التقاطع بين أجهزة الدولة مع قطع الترهلات والزوائد بين وزاراتها وحل اللجان والهيئات التي أدت دورها ولم يعد هناك مبرر لوجودها، وتعتبر الخطوتان الأخيرتان باستحداث مسمى النيابة العامة بدلا من المسمى القديم هيئة الادعاء والتحقيق وإعطائها حق الاستقلالية والارتباط بالملك مباشرة دفعة قوية لدورها ومهامها.


كما أن إنشاء رئاسة أمن الدولة وربط كل الجهات المعنية بالأمن بها خطوة متقدمة تعزز مفهوم دولة المؤسسات والأمن الشامل، بعد أن قامت وزارة الداخلية بعمل مميز للمواطنين منذ إنشائها حتى بداية التسعينات فيما يخص الشرطة والمرور والجوازات وباقي الخدمات التي تخص المواطنين والمقيمين في المملكة.

وبعد بروز ظاهرة الإرهاب في التسعينات سخرت وزارة الداخلية كافة جهودها في مكافحة الإرهاب، ما أدى إلى كثرة المهام على الوزارة التي أثرت على بعض الخدمات مثل المرور والشرطة والجوازات.

إن انشاء رئاسة أمن الدولة سيمكن الداخلية من تقديم خدمات أفضل للمواطنين والمقيمين حاليا في كافة القطاعات التابعة لها، وسيمكن رئاسة أمن الدولة من التركيز على مكافحة الإرهاب أمنيا واستخباراتيا ومراقبة تمويله ماليا، وسيسهل للرئاسة التواصل مع الجهات ذات العلاقة خارجيا وسيكون أكثر كفاءة.

كما أن إنشاء جهاز أمن الدولة له تأثير اقتصادي من خلال ترشيد إنفاق الدولة وزيادة الإيرادات وتحقيق النمو الاقتصادي للمملكة وخلق تنافسية الاقتصاد السعودي ونمو الصادرات والتوجه إلى إحلال الواردات لتحسين ميزان المدفوعات للمملكة وتقليل الاعتماد على واردات الخارج. وتوفير عشرات المليارات من ميزانية الدولة من خلال رفع كفاءة العمل وتخفيض النفقات وترشيدها. كما أن هذه الخطوة سوف تحقق زيادة الإيرادات التي ستنعكس في زيادة الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية ويمكن الدولة من الاستمرار في القدرة الاستيعابية لتحقيق وتحفيز نمو اقتصادي أعلى. علما أن هذا القرار يمثل رؤية الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- وجاء بناء على قناعة سمو ولي العهد وسمو وزير الداخلية، وقد وافق على هذه الرؤية ودعمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.

على أن مفهوم رئاسة أمن الدولة موجود في أفضل الممارسات المطبقة عالميا، من كل هذا تتضح لنا أهمية هذه الخطوة التي تعزز الأمن وتوفر المصاريف وتوقف الهدر وتعزز الإيرادات وتوزع المهام على جميع الجهات المعنية بدقة وتوازن وإيجابية.