-A +A
محمد أحمد الحساني
تدرس وزارة الشؤون الاجتماعية فكرة مخاطبة إمارات المناطق وغيرها من جهات الاختصاص لإلزام العاقين لوالديهم برعايتهم وعدم تركهم مهملين لتتلقاهم دور المسنين!
وبنت الوزارة فكرتها الخاضعة حالياً للدراسة على أسس من أهمها أنها ترى أن تطبيق الفكرة يقوي الروابط الأسرية!، وأن هذا الإلزام يعني شغور أماكن في دور رعاية المسنين لآخرين من كبار السن المقطوعين الذين ليس لهم أسر أو بنين أو حفدة يرعونهم فلا يوجد أمامهم إلا دور الرعاية.

وأنا أقول للوزارة بكل أسف: لا تلزموا العاقين بالقوة بما تخلوا عنه؛ لأنه ليس فيهم خير، فلو أن فيهم خيراً لسمعوا كلام الله واستجابوا له وهو عزّ وجل الذي جعل الإحسان بالوالدين في المرتبة الثانية بعد التوحيد الخالص }وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا|..!
وأنا أعلم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فهذا القول صحيح، ولكن في حالات العقوق فإن إجبار من لا خير فيهم على استلام والديهم لرعايتهم مع أن لبعض أولئك الأبناء قلوباً قاسية وكليلة وصدئة، فإن مثل هذا الإلزام قد يُعرّض المسنين لمعاملة قاسية من قبل أولئك الأبناء أو زوجاتهم أو الأحفاد اقتداء بما يرونه من والدهم أو والدتهم نحو جدهم المسن أو جدتهم المسنة، وقد رأيت، في محطات التلفاز العربية برامج اجتماعية دامعة، تحدث من خلالها مسنون عن سوء تعامل الأبناء العاقين معهم وما يلقونه من ضرب وشتم وإهمال وطرد على أيدي زوجات أولئك الأبناء، ولو فُتحت صدور عشرات المسنين هنا ونثر ما فيها لاستمع المجتمع إلى حكايات عقوق تفوق الخيال وما دفع المسن أو من حوله من أهل الخير من جيرانه لالتماس المساعدة من دور المسنين لرعايته إلا بعد أن فقدوا الأمل في إمكانية أن يسمع العاقون كلام الله!
هذه هي المشكلة فما هو الحل؟
إنني أرى أن تضم وزارة الشؤون الاجتماعية إلى دراستها المقترحات التالية:
أولاً: أن تكون دعوة الأبناء لرعاية آبائهم وأمهاتهم المسنين بالحسنى والموعظة الحسنة والتذكير بعواقب العقوق في الدنيا والآخرة فإن تابوا وأنابوا سُلم لهم المسنون مع متابعة أحوالهم بدقة عبر آليات توضع، يشارك فيها عمدة الحي ومركز الشرطة والأخيار من الجيران والأقارب وإمام مسجد الحي.
ثانياً: إذا لم تجد الموعظة الحسنة والدعوة الطيبة آذاناً صاغية، فلا يُسلّم المسنون لأبنائهم العاقين، بل تتم الكتابة إلى إمارات المناطق باقتطاع مبلغ من دخل أولئك الأبناء العاقين عن طريق أعمالهم في القطاعين العام أو الخاص أو عن طريق الإمارة إن كانوا من العاملين الأحرار، بحيث تغطي المبالغ المستقطعة ما يوفر حياة كريمة ورعاية طبية لآبائهم وأمهاتهم المسنين في دور يُوظف لها ممرضات وخادمات وإدارة يُحسن اختيارها لأداء هذا الدور الإنساني الذي تخلى عنه الأبناء العاقون.
ثالثاً: تفرض عقوبات شديدة جداً ضد أي ابن عاق يمتنع عن دفع ما عليه من استحقاق لرعاية والده أو والدته المسنّين، وتزداد العقوبة وتشتد لو أن إلزامه بالدفع أدى إلى ردة فعل عاقة ضدهما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأن الذي يصل إلى درجة العقوق الحاد ويفقد الخوف من الله والحياء من الناس ويَسْودّ قلبه، يمكن أن يقوم بما لا يخطر على بال أي إنسان سوى ضد والديه وضد أقرب المقربين إليه!؟
ولعل وزارة الشؤون الاجتماعية تجد فيما تقدم ذكره ما يصلح للدراسة المتأنية.