سألني ابني في تحد واضح فقال: ماما أريدك أن تشرحي لي الفرق بين الشرف الرفيع والشرف غير الرفيع فإني عاجز عن معرفة الفرق بينهما. قلت وما الذي دعاك الى تصنيف الشرف الى رفيع وغير رفيع، الشرف يا بني شيء معنوي لا يأخذ درجات ومراتب، فلا نقول: حب سام وحب منحط، ولا نقول: خوف راق وخوف ذليل، ولا نقول: غضب فاضل وغضب رذيل. قال: لست أنا الذي صنفته ولكن بيتا من الشعر ورد فيه الشرف مصنفا وكلفت أنا بدراسة البيت وشرح معناه، لقد طلب مني أن أشرح معنى قول الشاعر:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
وقد فهمت ان الشاعر يريد أن يقول إن الشرف نوعان: رفيع وغير رفيع، وإن علينا أن نحافظ على الشرف الرفيع وأن نحرص على سلامته، فأردت أن أعرف الفرق بين الشرفين؟ وهل نحن مطالبون بأن نحافظ على الشرف الرفيع فقط أم علينا أن نحافظ عليهما معا: الرفيع وغير الرفيع؟
يسحر الناس أحيانا بموسيقى الشعر ولفظه، أو بحسن سبك بعض عبارات النثر وتمام حبكتها، فتخلد في أذهانهم الأبيات الجميلة والألفاظ ذات الوقع الرنان، ويأخذون في تداولها وتكرار ترديدها، حتى ليمضي بينهم بعضها على أنه حكمة وقول صائب يستشهد به ويرجع اليه ما بين حين وآخر، كما حدث مع هذا البيت الشهير الذي اختير ليكون نصا يدرس للطلاب ضمن نصوص كتبهم المدرسية. ولعله من المفروغ منه القول إن تلك الألفاظ الجذابة في ذلك البيت وما لها من وقع رنان جعل عواطف الناس تجيش فتتلقف البيت من قائله بمجرد أن تفوه به ليتم ترديده وتداوله بينهم ليخلد عبر السنين، على أن فيه حكمة بالغة تستحق أن يتعلمها الأبناء وتتوارثها الأجيال، ولو أن الناس أمعنوا فيما وراء ما نقلوه من تلك الألفاظ لربما ترددوا قليلا قبل أن ينجرفوا ذلك الانجراف وراء الاستحسان والنقل.
فبصرف النظر عن كون الشاعر تجاوز الواقع فوضع مراتب للشرف وجعل بعضه أرفع من بعض، هذا البيت يسقي قيما غير صالحة حين يؤكد في الأذهان أن لا حفاظ على الشرف الا بسفك الدم، فلا مجال لمفاوضات ولا تنازلات ولا تسامح ولا صلح، وانما هو الاصرار على الانتقام وبأبشع الأشكال، القتل. في هذا البيت يحكم هذا الشاعر الرباط بين تحقق الحرية والكرامة والاعتزاز بالذات، وبين ممارسة العنف سواء في السلوك أو في المشاعر.
لكننا لا نرى هذا، فنمضي نطلب من ناشئتنا دراسة هذا البيت واستيعاب مضمونه على أنه يمثل الحكمة والحق! ويبقى سؤال مخيف، ترى كم من بيت آخر شبيه بهذا تضمه كتبنا المدرسية؟
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
وقد فهمت ان الشاعر يريد أن يقول إن الشرف نوعان: رفيع وغير رفيع، وإن علينا أن نحافظ على الشرف الرفيع وأن نحرص على سلامته، فأردت أن أعرف الفرق بين الشرفين؟ وهل نحن مطالبون بأن نحافظ على الشرف الرفيع فقط أم علينا أن نحافظ عليهما معا: الرفيع وغير الرفيع؟
يسحر الناس أحيانا بموسيقى الشعر ولفظه، أو بحسن سبك بعض عبارات النثر وتمام حبكتها، فتخلد في أذهانهم الأبيات الجميلة والألفاظ ذات الوقع الرنان، ويأخذون في تداولها وتكرار ترديدها، حتى ليمضي بينهم بعضها على أنه حكمة وقول صائب يستشهد به ويرجع اليه ما بين حين وآخر، كما حدث مع هذا البيت الشهير الذي اختير ليكون نصا يدرس للطلاب ضمن نصوص كتبهم المدرسية. ولعله من المفروغ منه القول إن تلك الألفاظ الجذابة في ذلك البيت وما لها من وقع رنان جعل عواطف الناس تجيش فتتلقف البيت من قائله بمجرد أن تفوه به ليتم ترديده وتداوله بينهم ليخلد عبر السنين، على أن فيه حكمة بالغة تستحق أن يتعلمها الأبناء وتتوارثها الأجيال، ولو أن الناس أمعنوا فيما وراء ما نقلوه من تلك الألفاظ لربما ترددوا قليلا قبل أن ينجرفوا ذلك الانجراف وراء الاستحسان والنقل.
فبصرف النظر عن كون الشاعر تجاوز الواقع فوضع مراتب للشرف وجعل بعضه أرفع من بعض، هذا البيت يسقي قيما غير صالحة حين يؤكد في الأذهان أن لا حفاظ على الشرف الا بسفك الدم، فلا مجال لمفاوضات ولا تنازلات ولا تسامح ولا صلح، وانما هو الاصرار على الانتقام وبأبشع الأشكال، القتل. في هذا البيت يحكم هذا الشاعر الرباط بين تحقق الحرية والكرامة والاعتزاز بالذات، وبين ممارسة العنف سواء في السلوك أو في المشاعر.
لكننا لا نرى هذا، فنمضي نطلب من ناشئتنا دراسة هذا البيت واستيعاب مضمونه على أنه يمثل الحكمة والحق! ويبقى سؤال مخيف، ترى كم من بيت آخر شبيه بهذا تضمه كتبنا المدرسية؟