-A +A
عزيزة المانع
يخلط البعض بين صفة القائد وصفة الرئيس فيتحدثون عن الصفتين كشيء واحد، لكن الواقع يؤكد أنه ليس كل رئيس قائداً فعلاً حتى وإن خوله منصبه أن يكون كذلك، كما أن القائد ليس بالضرورة أن يكون في منصب الرئاسة، فالقيادة ليست مجموعة أوامر وتنظيمات وقوانين وإنما هي تأثير فكري على الآخرين يتسلل إلى دواخلهم فينشب أظافره في أذهانهم فيتم بواسطته توجيههم إلى الوجهة المرادة.
ولعله من أصعب الأشياء أن يتولى المرء قيادة الجماعة، فالقيادة هي من جهة تعني حمل مسؤولية القوم، حيث يميل الناس غالباً إلى تسليم أمرهم للقائد مفضلين السير خلفه على هدى توجيهاته وأفكاره، تاركين له وحده عبء تحديد مصير الجماعة وما يقع لها.

وهي من جهة أخرى، تتطلب سمات وخصائص في شخصية الفرد لا تتوفر لدى كل الناس، وهي سمات وخصائص قد تكون بيولوجية متوارثة، وقد تكون مكتسبة، كما قد تكون مكونة من الاثنين معاً، إلا أن الحقيقة التي لا جدال حولها هي أنها سمات وخصائص لا يمكن أن تظهر فجأة في شخصية الفرد بمجرد اعتلائه مكان القيادة. ولعل هذا ما يجعل مهمة القيادة مهمة عسيرة، سواء كان المرء قائداً صغيراً يقود أسرته المحدودة العدد، أو شركته الصغيرة الناشئة، أو قائداً كبيراً يقود أمته الكبيرة ومجتمعه الضخم.
أن تكون رئيساً يعني أن تنعم بمنصب الرئاسة ولا جهد، أما أن تكون قائداً فغالباً هو الجهد ولا نعيم، لذلك ربما يعتري الرئيس الفساد ولا يعتري القائد. الرئيس لا يهمه سوى أن يتحدث الناس عمّا قال وما فعل، وأن يشبع نوازعه البشرية في حب السيطرة والاستعلاء وتحقيق المصالح، أما القائد فشأنه مختلف، القائد لا يعنيه أن يهدد أحداً بسلطته، أو يستعرض أمام أحد قدراته، أو يزهو أمام أحد بممتلكاته، القائد يرفعه نبله إلى تحمل هموم القوم بدلاً عنهم، وتقديم مصالحهم على مصالحه.
إن صح أن يكون هناك نبل ولا قيادة، فإنه لا يصح أن يكون هناك قيادة ولا نبل.