-A +A
هاني الظاهري
بداية أتمنى أن لايفهم من العنوان الذي اخترته لمقالي هذا أنني أحد أعداء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقصد بالأعداء أولئك الأشخاص الذين لطالما أشارت إليهم تصريحات مسؤولي الهيئة دون ذكر أسمائهم، تماما كما يحدث في أخبار العلاقات العامة الخاصة
بـ «قضايا الابتزاز» التي توزع على الصحف وبقية وسائل الإعلام محملة بتصريحات المتحدثين الرسميين، فيما تختفي في طياتها أسماء المبتزين قبل الضحايا بدعوى الستر، وهو ما يجعلها تفتقر إلى المصداقية برأي الكثير من المتابعين الذين لايمكنهم تصديق مثلا أن معلمة ربما كانت على بند محو الأمية التعيس تم ابتزازها من قبل أحد الأوباش ليحصل منها على مبالغ تقترب من مليون ريال دون معرفة أهلها.. وما أكثر القصص المشابهة التي بات متابعو الصحف يتوقعون معها أن ضحايا الابتزاز في السعودية أكثر من ضحايا الحوادث المرورية والمخدرات والأسهم وسيول جدة ونازحي الحدود الجنوبية، أعادهم الله إلى بيوتهم سالمين.

أتفهم جيدا الجهود التي تبذلها الهيئة في سبيل مكافحة مصنعي الخمور والدجالين وأوكار الرذيلة، كما أتفهم حقها في إبراز هذه الجهود إعلاميا لكن ذلك لايعني أن تتحول العملية إلى عملية منظمة لتشويه صورة الشاب السعودي والفتاة السعودية بهذا الشكل عبر أخبار إن صحت فمن شأنها أن تضحك القريب قبل البعيد على مستوى السلبية التي وصل إليها حال المرأة في المملكة حتى باتت مشروع ابتزاز لا أكثر. قبل عامين تقريبا نشرت مقالا بعنوان «كفوا عن إضحاك العالم علينا» تناولت من خلاله ظاهرة أخبار الابتزاز ومدى ترسيخها لفكرة سلبية المرأة في المجتمع السعودي بجانب إمكانية أن تتحول هذه الأخبار إلى حملة تسويق لظاهرة الابتزاز في ظل البطالة التي يعاني منها آلاف الشبان في المملكة، وقد تلقيت بعد نشره عشرات الاتصالات من أشخاص مختلفين منهم موظفون في الهيئة نفسها حاولوا إقناعي بأن الهدف من نشر تلك الأخبار يتمثل في تحذير النساء من أن يصبحن صيدا سهلا بأيدي العابثين، لاتلميع صورة الجهاز الذي ينتمون إليه، ولست اليوم بصدد تكرار نفس الموضوع أو المطالبة بالتوقف عن نشر مثل تلك الأخبار فهذا أمر يبدو مستحيلا في ظل السياسة الإعلامية التي تتبعها الهيئة حاليا، لكني وغيري من المهتمين بالشأن العام بحاجة إلى مناقشة الإخوة في إدارة العلاقات العامة التابعة للهيئة حول آلية إعداد ونشر مثل تلك الأخبار التي تحوم حولها الشكوك وتتلقى سياط التكذيب والسخرية من المتابعين، وهو أمر لا نرضاه لجهاز حكومي نكن له الاحترام ونطمح في أن يؤدي الدور المناط به دون إخلال أو تجاوز، والله عز وجل يقول: «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين»، وهو نفس الطلب الذي نوجهه للإخوة في الهيئة، ونتفهم معه جيدا مسألة حرصهم على «الستر»، مما يعني أن نتوصل إلى نقطة وسيطة بين نشر أخبار الابتزاز دون أي براهين، ونشرها متضمنة أسماء المبتزين أو الضحايا.
هذه النقطة الوسيطة برأيي من الممكن أن تتمثل في تضمين أي خبر ابتزاز تصريحا من الناطق الرسمي في شرطة المنطقة يوضح من خلاله تفاصيل القضية وما آلت إليه بعد تسلمها من الهيئة، ولا يمنع ذلك من إيراد جزء من اعترافات الجاني المصدقة شرعا في نص الخبر، وهذا ليس تشكيكا في جهود الهيئة بقدر ماهو برهنة على تلك الجهود، وإخراس لألسن المكذبين، ويمكن أن تقوم الصحافة بهذا الدور نيابة عن الهيئة، بمعنى أن تتفق الصحف على عدم نشر أي خبر عن قضية ابتزاز قبل الحصول على تصريح صحافي من شرطة المنطقة، ومحاولة الوصول لأحد طرفي القضية سواء كان الجاني أو الضحية لإيراد شهادته، فمن المعلوم أن معظم الأخبار المنشورة عن قضايا الابتزاز تصل لأيدي القراء قبل إدانة الجاني قضائيا، مما يعني أن القضية قد تنقلب رأسا على عقب أثناء المحاكمة ويصبح الجاني ضحية والضحية جانيا.
أخيرا.. يجب أن أؤكد أنني مؤمن تماما بأن السعوديات يدلفن إلى السنة الجديدة وهن أكثر شجاعة ووعيا وتسلحا بالعلم والقيم، ومن بينهن من رفعت أوتستعد لرفع اسم المملكة عاليا في المحافل العلمية العالمية، ومن المعيب أن تكرس صورة سلبية عنهن بأخبار لافائدة حقيقة ترجى منها.
hani.eqt@hotmail.com