-A +A
محمد أحمد الحساني
طبيبان عالميان حذرا مؤخراً السعوديين من الآثار السلبية للعشاء الدسم المتأخر على أمعائهم ومعداتهم مؤكدين أن نحو خمسة عشر في المائة من مواطني هذه البلاد يعانون معاناة قاسية من الآثار السلبية للعشاء الدسم المتأخر، وأن وجود حرقة في المعدة قد تتحول إلى قرحة ومشاكل صحية في المريء، مرتبط بتأخير العشاء وتناول أطعمة دسمة في هذه الوجبة الليلية!
وما أشار إليه الطبيبان العالميان ملاحظ ومشاهد، فقد غدا العديد منا يشكو ليل نهار من معدته وأمعائه وبقية أجزاء جهازه الهضمي الطالع والنازل والمستعرض والمطوي والمفرود! لأن معظم الناس أصبحوا يؤخرون تناول وجبة العشاء إلى بعد العاشرة مساء، وقد يتناولون وجبة دسمة ثم ينامون بعد ذلك على بطونهم فيكون ليلهم مليئاً بالكوابيس والكتمة، وقد لا ينامون في بعض الليالي من شدة الألم إثر وجود حرقة في المعدة واضطراب في الجهاز الهضمي وشعور بالانتفاخ والغثيان!

إن من أهم النصائح التي يتلقاها المرضى من الأطباء الباطنيين، أن يغير المريض عاداته الغذائية من حيث المحتوى والمواعيد وطريقة البلع والكمية، ولكن قليلاً من المرضى من يلتزم بنصائح الأطباء، وإن فعل بعضهم ذلك فلمدة مؤقتة وقصيرة وأثناء المرض والمعاناة فقط!، حتى إذا «ما شمّ العافية»، فإنه يعود إلى عاداته الغذائية معلناً لمن حوله من الناصحين أن العمر واحد: ما في أحد يموت قبل ساعته بيوم ولا ساعة!؟
على أن من أسوأ العادات الاجتماعية التي لم تزل قائمة أن تُدعى إلى وليمة عرس أو نجاح أو ترقية أو سكن جديد ونحوها من المناسبات ثم تجد أن الداعي لا يقدم العشاء إلا بعد الساعة الثانية عشرة، ويكون العشاء عادة مكوناً من الأرز المليء بالدسم واللحم والبهارات فإن جاملته وأكلت وذهبت إلى منزلك ثم إلى فراش النوم فأبشر «يا مليح» بليلة فيها العديد من المنغصات والكوابيس، إضافة إلى ما قد ينجم عن هذا النوع من النظام الغذائي السيئ من حرقة في المعدة وارتداد في المريء وتقلصات في الأمعاء الدقيقة وانتفاخ في المصران الأعور!!
أما إذا كان المدعو حريصاً على صحته غير مستعد لدفع ثمن «الرز البرياني» والطرمبة والسمبوسة وأم علي، المقدمة له نحو الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل، فإنه سيقول لصاحب الدعوة إذا ما عاتبه على رغبته في الانصراف دون تناول طعام العشاء: هل دعوتني حتى تجيب لي القرحة يا فرحتك فرحة؟!
غير صحيح؟!
ليس صحيحاً ما ذكره أحد الكتاب تعليقاً منه على ضحايا الكولونيا الذين فقدوا حياتهم أو فقدوا أبصارهم بعد شربهم لها صافية أو مخلوطة بمشروب غازي، ليس صحيحاً قوله إن الشاربين في السابق أي من أبناء جيله والجيل الذي قبله كانوا يشربون الكولونيا ولم يُصب أحد منهم بغيبوبة فضلاً عن الموت المفاجئ، لأن معدتهم كانت -على حد زعمه- تتحمل سموم الكولونيا!، لأن واقع الحال الذي أعلمه ويعلمه أى إنسان ذي عقل ورشد هو أن من كانوا يشربون الكولونيا قد فقدوا حياتهم أو أصيبوا بالعمى أو بالفشل الكلوي أو الكبدي وأنا شخصياً أعرف وقائع عديدة حصلت قبل نحو ثلاثين عاماً لأن المادة السامة الموجودة في الكولونيا لم تتغير كثيراً.