-A +A
فؤاد مصطفى عزب
لم أستيقظ كعادتي كل صباح على دقات ساعة التنبيه التي يوقظ رنينها الموتى والتي أحملها معي في كل سفر بل ما أيقظني فزعاً كمن لدغته أفعى في نحره هو «التلفون» نهضت من السرير كوتر مسته يد غامضة نفضت حطاب النعاس على عجل استعدادا لما سيأتي فاليوم هو أول أيام الورشة العملية التي جئت إلى «أستراليا» من أجلها اصطبحت بجبنة صفراء تلك الجبنة التي كلما لمحت على علبتها الزرقاء صنع في استراليا أتذكر صديقاً لي يعيش هناك منذ أمد طويل وجدت أن اتصالي بهذا الصديق قد يحيل هذه المدينة إلى قرية بهزة إصبع.. أتصلت به فدعاني إلى العشاء في مطعمه وقبل أن ينهي المكالمة سألني ما الذي أشتهيه في هذه الليلة.. قلت له أشتهي أن أراك، ذهبت بعد ذلك إلى ورشة العمل لأقابل أسماء رنانة في العلم وشباباً لا أحد منهم إلا وقدم رؤية ألهبت حماسي وأثارت مقارنة فورية بين عالمنا وعالمهم والورشة كغيرها من الورش كان فيها متحدثون متميزون وآخرون لم يكن لهم مكان حيث كانوا أشبه مايكونون «بصعاليك دخلوا دون دعوة إلى حفلة زواج باذخة ولم يكتفوا بذلك بل ودعسوا على ذيل فستان العروس!!» من اجمل المشاريع التي كان لي شرف الإطلاع عليها في هذه الرحلة إنجاز صحي فريد أطلعنا عليه متخصص أسترالي في علم الشيخوخة المشروع بإختصار عبارة عن نظام مبتكر يمكن المشرف على تقديم الرعاية الصحية للمسن عن طريق مراقبته صحياً وهو في منزله من على البعد وينذر المشرف لدى حدوث أي طارئ يهدد حياته خلال الـ 24 ساعة وهذا النظام لم يحقق للمسن فقط تلقي خدمة متطورة له بأقل التكاليف بل حقق له أيضاً رغبته الإنسانية في البقاء في منزله والحصول على رعاية منتظمة طوال ساعات الليل والنهار.. البرنامج مطبق الآن في استراليا وقابل للتصدير أشير له هنا لأؤكد لبعض المستثمرين في الخدمات الصحية أن الاستثمار الصحي ليس مستشفى ومستوصفاً فقط!!