-A +A
فؤاد مصطفى عزب
على دائرة تلفزيونية مقفلة بثتها جامعة (ميسوري) كنت أتابع حديثاً قديماً لعالم الإدارة «بيتر داركر» والذي وجهه إلى مجموعة منتقاة من بيوت الأعمال والجامعات في أنحاء أمريكا ذكر فيها أن أفضل المديرين كانوا أولئك الذين أشرفوا على بناء الأهرامات المصرية.. شيدوا أعظم عجائب الدنيا.. ولكن لسوء الحظ لم يذكروا لنا في سجل إداري مكتوب كيف فعلوا ذلك!! وقد حاول «بيتر داركر» أن يقول في تلك الأمسية إن هناك فرقاً بين مجرد الدراية بكيفية الإدارة والإسهام في إنماء مجال المعرفة لينتج للآخرين التعليم والممارسة.. وفي الواقع أن المكتبة السعودية تفتقر كثيراً إلى المؤلفات الإدارية التي تعبر عن التجارب العملية الإدارية «كحياة في الإدارة للدكتور غازي القصيبي» على الرغم من المساهمة الكبيرة للأساتذة السعوديين في جامعات المملكة المختلفة بإثراء الجانب النظري الأمر الذي يؤيد الحاجة إلى هذا النوع من المؤلفات وذلك بهدف توازن كتابات الأكاديميين وكتابات المديرين الممارسين أصحاب التجربة العملية لمعرفة إلى أي مدى تتشابه آراؤهم وتختلف.. ولاشك أن هناك مديرين سعوديين أفذاذاً كانوا شهداء عصر على ما حققوه من مستوى رائع في إدارة منظمات ضخمة، ونتيجة للتواضع الجم من جهة وصعوبة التعبير لديهم عن المفاهيم التي تضمنتها منجزاتهم الكبيرة من جهة أخرى أن حُرمت أجيال ظمأى من هذا التراث الإداري الخصب لإحجامهم عن تسجيل تجاربهم والواقع أن ما يدلي به فريق الأكاديميين وفريق المديرين له دلالاته وأهميته وهما مجتمعان يشكلان هذه المؤسسة المعنوية الحديثة التي نسميها «الإدارة» لقد أصبحت الكتب التي يؤلفها المديرون الممارسون في أمريكا من أوسع الكتب انتشاراً وبعض المديرين التنفيذيين كـ«جاك ولش» و«بوب اكيرت» وغيرهم أبطال شعبيون ونجوم يظهرون على الشاشة الفضية تفتخر المنظمات بانتمائهم لها لكفاءتهم العالية وأسلوبهم المميز في الإدارة والملاحظ أنه لم تكن الإدارة في أي وقت من الأوقات أكثر شعبية وانتشاراً مما هي عليه الآن.. على الرغم من أن الكتب التي يؤلفها المديرون ليست شيئاً جديداً في الغرب بل في اعتقادي أن اهتمامنا الأخير هو الجديد!! وعلى الرغم من أهمية هذه الكتب إلا أنني تورطت في قراءة كتب في غاية السخف وضحالة التجربة من مديرين اعتقدوا أن تجربتهم تستحق التسجيل بل إن تلك التجارب لا تقارن إطلاقاً بما تحقق على أيدي مديرين سعوديين أفذاذ لم يمارسوا فن التسجيل على الرغم من أهمية هذا الدور في إيجاد تراث إداري سعودي تستفيد منه الأجيال!!