-A +A
عزيزة المانع
هل يمكن أن تكون هناك ثقافة سليمة مكتملة دون فلسفة تتأمل وتفسر وتحلل؟
إن ثقافة بلا فلسفة هي ثقافة بلا روح، ومن ثم فإنها لا تملك مقومات النمو والتطور، ونحن لدينا ثقافة ولكن ليس لدينا فلسفة خاصة بنا، ولدينا مثقفون ولكن ليس لدينا فلاسفة، ولعلهم تهافتوا طائعين منذ أن أعلن عن ذلك الغزالي قبل ما يقارب عشرة قرون.
وعندما يغيب الفلاسفة ليتولى المثقفون وحدهم زمام قيادة الفكر فإنه لا محالة واقع في التعثر، فالفلسفة هي المنارة التي تضيء الطريق وتحدد الاتجاهات، وتدفع إلى تلمس مواقع الحق من الضلال.
على كثرة ظهور الكتاب والدعاة إلى الإصلاح الاجتماعي لا نجد في تاريخ ثقافتنا العربية المعاصرة كتاباً واحداً يمكن أن يقال عنه إنه يمثل نظرية فلسفية متكاملة، أو أن له تأثيراً راسخاً في بناء العقول الجديدة، كما يقال عن بعض المؤلفات الغربية مثل مؤلفات هيجل وكانت وروسو وداروين وماركس وغيرها.
فهذه المؤلفات، بصرف النظر عن محتواها الفكري، كان لها قوة تأثير على الفكر العام في المجتمعات التي ظهرت فيها، ومن بين صفحاتها انطلقت نواة التغيير وتفجرت الحركات الإصلاحية كما حدث في فرنسا وروسيا وغيرها.
الاستشهاد بهذه المؤلفات لا يعني الدعوة إلى وجود فكر فلسفي مماثل لما فيها، وانما المراد هو لفت النظر إلى قوة تأثير الفكر الفلسفي على تغيير نمط الحياة في المجتمع.
ونحن في هذا العصر، نحتاج إلى فكر فلسفي محلي غير مستورد، فكر يخاطب احتياجاتنا الراهنة والمستقبلية، تلك الاحتياجات التي لا تستطيع مؤلفات الأسلاف أن تفي بها حتى وإن كانت لها قيمتها الفكرية في عصرها.

ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382