-A +A
عزيزة المانع
منذ يوم الأحد الماضي والناس منشغلون بالكلام حول ما حدث في ندوة (الرقابة الإعلامية ومتغيرات العصر) التي أقيمت ضمن فعاليات معرض الكتاب المقام في مدينة الرياض.
وفي مثل هذه الندوات جرت العادة أن تتاح الفرصة للحاضرين ليعقبوا على ما يقوله المتحدثون شفاهياً أو كتابياً، إلا أنه في معظم المرات كان الناس يفضلون أن يكون تعقيبهم شفاهياً كي يضمنوا أن لا تكون هناك رقابة على ما يريدون قوله فيناله شيء من التحريف أو الحذف. ولوجه الحق كنت أرى الصواب معهم في ذلك، إلى أن جاء يوم الأحد الماضي عندما خرج بعض المعقبين عن إطار التعقيب أو المناقشة ليهبطوا بكلامهم إلى مستوى السفاهة والابتذال متخطين كل حدود اللياقة والأدب، فشعرت آنذاك أن جمهوراً كذلك الجمهور يستحق فرض الرقابة مرتين، مرة لأنه لا يحترم ما أعطي له من حرية التعبير، ومرة لأنه ينادي بفرض الرقابة ويهاجم من يرفضها، فلتكن إذن بداية فرض الرقابة عليه هو حيث انطلق من عنده صوت الدعوة إلى فرضها.

الذين يستحسنون وجود رقابة على المواد الإعلامية ينطلقون من القول بأن الرقابة تحمي الأخلاق وتحرس الحدود الدينية فلا يتخطاها أحد، ولو سلمنا جدلاً بأن الرقابة هي أسلوب جيد لتحقيق تلك الأهداف، ألا يظل أمامنا سؤال ضخم حول تحديد مفهوم الأخلاق وصفتها؟ ومتى يمكن أن يُقال إن هذا الأمر يتعارض مع الأخلاق أو لا يتعارض؟ وكيف يمكن رسم الحدود الدينية التي ينتظر من الرقابة حراستها ونحن نعلم أن هناك أموراً كثيرة مختلفاً حولها، وهناك أمور مستحدثة لم تسبق معرفتها، فكيف سيكون موقف الرقابة منها؟ ثم إن الرقابة متى فرضت، سارت بأمر فئة واحدة ووفق رأي بعينه، فما مواصفات تلك الفئة؟ وما هو ذلك الرأي؟ ومن الذي يستطيع أن يحكم بصلاحه دون باقي الآراء؟
الذين يستحسنون الرقابة، يستحسنونها لأنهم يتوقعون منها أن تكون وفق هواهم تسير حسب ما يحبون، ولكن ماذا لو أنها سارت برأي غير رأيهم وهوى غير هواهم، هل سيظلون متحمسين لها؟
ص.ب 12668الرياض 22611 فاكس 2835554