-A +A
عزيزة المانع
كيف يمكن أن يحدث التغيير في المجتمع؟ وأعني به التغيير المتعمد الذي يرجى منه تحقيق المصلحة العامة، وليس ذلك التغيير الذي يحدث للمجتمع بطريقة عفوية أو عنوة، في بعض الأوقات.
إن التغيير غالباً ما يواجه بالمقاومة، فالمجتمعات لا تخلو من فئة المحافظين الذين يميلون إلى التشبث بما هم عليه لا يريدون له بديلاً، وهم يفعلون ذلك اعتقاداً منهم أن ما هم عليه هو الصواب وأن ما يحمله التغيير باطل وضلال. وعندما تكون فئة المحافظين هي الأكثرية في المجتمع فإن فرض التغيير في المجتمع يكون أكثر صعوبة وأشد عسراً.

ومع ذلك فإن المجتمعات متى ارتفعت نسبة الوعي بين أفرادها قلت فيهم نسبة المحافظين وصاروا أقرب إلى قبول التغيير، فالوعي يعني إعمال التفكير والاعتماد على منطق العقل أكثر من الركون إلى العواطف والاحتكام إليها.
وفي بعض الأحيان يرفض المجتمع، ممثلاً بفئة المحافظين من أفراده، ما قد يلوح فيه من تيارات التغيير، ويقابل هذا الرفض بالطاعة بحجة أنه يمثل رأي الأغلبية، ولا أدري إن كانت تلك الطاعة لكون الأغلبية دائماً على صواب ومن المصلحة الإذعان لما ترى، أم لمجرد إرضائها لأنها أغلبية؟ ولكن هل من العدل أن تفرض الأغلبية ما تراه على البقية فتحجب عنهم التغيير الذي يتطلعون إليه؟
من الشواهد التي تسجلها كتب التاريخ على عدم صواب رأي الأغلبية في بعض الأحيان أن الأغلبية في المملكة كانت ترفض إنشاء مدارس للبنات، لكن الدولة الرشيدة لم تخضع لرأي تلك الأغلبية، إذ رأت فيه تضييعاً لمصلحة عامة وإجحافاً بحق الأقلية التي كانت تريد أن تعلم بناتها، فتم افتتاح مدارس للبنات رغم أنف تلك المعارضة، ومع الأيام أثبتت المدارس نفعها وأنبتت ثمرها، فأخذت الأغلبية التي كانت ضد تعليم البنات تصغر وتصغر حتى باتت هي الأقلية. ولو أن الأمر في تلك الأيام ترك لرأي الأغلبية لربما بقي النساء بلا تعليم إلى يومنا هذا. فالأغلبية إذا كانت على ضلال، من الخطأ أن يترك لها التحكم في قيادة المجتمع، ولابد من وجود قوة مصلحة تفرض التغيير وتقره.
فاكس: 4555382