-A +A
فؤاد مصطفى عزب
«دونالد ترامب» مليونير امريكي يُصفق كالسلاطين القدامى فيؤتى إليه بما يشاء حقق شهرة عريضة في مجال المال والأعمال والكتابة ضالع في التألق يتحدث كساحر من أرض الأساطير عندما يتحدث عن ثروته، منجم ذهب بشري متحرك، رجل واضح غامض جامح يعيش عالماً خالياً من النصائح الصادقة فصاحب المال أحياناً لايسمع إلا الهتاف قال في مقابلة تلفزيونية له لو سقطت مني ألف دولار لاأستطيع أن أنحني والتقطها عن الأرض لأن انحنائي قد يضيع علي مليوناً فوقتي من الماس !! له برنامج مثير «المتدرب» وهو برنامج يختبر فيه قدرات رجال وسيدات الأعمال الشباب ومن يفوز منهم يحصل على فرصة عمل في مجموعة شركات (ترامب) له سبعة مؤلفات شيقة احتلت قائمة افضل المبيعات كان آخرها كتاب حديث صدر في اكتوبر هذا العام «لماذا نرغب أن نضمك إلى قائمة الأثرياء» يقفز هذا الكتاب حالياً على عرش الكتب في إدارة الأعمال والمال الفه بالاشتراك مع «روبرت كوساكي» الياباني الأصل مؤلف كتاب «الأب الفقير الأب الغني» سليط اللسان سأله صحفي عندما طلق زوجته التشيكية الأصل «إيفانا» وكانت بطلة في التزلج هربت إلى أمريكا .. لماذا طلقت زوجتك التي كان المجتمع يحسدك على الفوز بجمالها ورشاقتها أجابة «ترامب» هذا المجتمع الذي يحسدني على جمالها لم يعش معها أسبوعاً واحداً ليكتشف سلاطة لسانها وقبح طباعها يروي «ترامب» هذه القصة حدثت له مع رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة ذات مغزى فالإنسان بحاجة دائمة إلى ملاقاة نفسه يقول «ترامب» كان يوماً فظيعاً حققت فيه خسائر فادحة في سوق البورصة جعلني أبدأه بمزاج غاضب مضطرب معكر وغير ودود لم تكن نيويورك في هذا الصباح مرصوفة بالدولارات ككل صباح قررت ألا أذهب إلى مكتبي في الطابق «26» من بنايتي «ترامب تاور» التي تطل على «سنتر بارك» في قلب نيويورك حيث الفردية والأنانية واللهاث المسعور خلف المال على حساب الأخلاق والمعاني .. قررت الذهاب إلى مكان آخر .. كان هذا المكان إحدى البنايات المنزوية التي أملكها ويعمل بها نخبة من المحاسبين ومراقبي الحسابات هبطت من سيارتي الفاخرة الغالية الثمن مبتهجا كان صوتي العالي وأنا اتحدث مع السائق الذي فتح لي باب العربة مرتبطاً بمزاجي الذي أفسدته البورصة اتجهت إلى باب العمارة .. كان في الزاوية اليمنى حيث السلم الصغير المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يتكور بجسده الصغير وآلامه الكبيرة في كرسيه المتحرك كان يبذل مجهوداً ملموساً ليفتح الباب الخارجي للمبنى فقد كان يضع صندوق إفطاره الورقي على فخذه .. ما إن شاهدني حتى تبسم بهدوء وألقى عليَّ تحية الصباح ورحب بي .. نظرت إليه بنظرة متعالية ولم ارد عليه كأنني نسيت الكلام فاجأني ثانية بقوله يوماً جميلاً ياسيد «ترامب» اليس كذلك.. هلا ساعدتني في فتح الباب من فضلك أمسكت الباب وأنا انظر إليه وقد اعتراني خجل شديد وشعرت بإرتباك جاهدت ان اخفيه بسبب ذلك التعبير البري الذي بدأ مرتسماً على وجهه قلت له وما الذي يجعلك تعتقد أنه يوم جميل!! نظر إليّ نظرة ذات مغزى ورد في هدوء لايخلو من الاتزان والقوة العفوية «مازلت أتنفس ياسيد ترامب مازلت اتنفس» بعثرني رده تلعثمت تعلقت عيناي به اخذت أتابعه وهو يمضى بالممر بكرسيه المتحرك وصوته يكرر عبارات الشكر كأنه القمني رملاً ناعماً ومضى!! اتجهت بعد ذلك إلى أقرب موظف في مربع الاستقبال أخرجت قلماً وسجلت على ورقة بيضاء «استبدلوا هذا الباب حالاً بباب أتوماتيكي من أجل أصحاب الاحتياجات الخاصة» ثم مضيت للمصعد بعد ذلك وأنا أتألم في عنف فقد كنت بعيداً كل البعد عما يشعر البشر الحقيقيون ويحسونه كنت في عزلة باردة يخيل إليّ انني كنت أعمى نعم أعمى!! كم أشكر الرب الذي أزاح عن عيني الغطاء.. مارأيكم !! هل ستقفون بعد هذه القصة لفتح باب لذوي الاحتياجات الخاصة .. لقد توقف «ترامب» لحظة ليفتح الباب لذلك الجميل فاستلم رسالة مجانية تتوهج حباً ويقيناً وثقة بمعنى الحياة بدأ بها نهاراً جديداً فهلا توقفت لحظة من اجل إنسان من أصحاب الاحتياجات الخاصة .. جرب قد تعود محملاً بأشياء جميلة جرب!!