-A +A
فؤاد مصطفى عزب
كان يوم 13 أكتوبر 2006م يوماً مميزاً في تقدير جهود العاملين في مكافحة الفقر وذلك بفوز الدكتور/ محمد يونس بجائزة نوبل للسلام لمساهمته في تأسيس حركة القروض الصغيرة التي تعني منح قروض صغيرة لفقراء العالم النامي من دون كفالات ذات طابع معقد.. وقصة الدكتور/ محمد يونس كما نشرتها «لايسس ماجازين» وترجمتها وبشكل جميل جداً «مكتبة جرير» ضمن سلسة «شوربة دجاج» وهي سلسلة مطبوعات أمريكية تعتبر من اكثر كتب «نيويورك تايمز» مبيعاً تتلخص القصة في انه حال عودة الدكتور/ محمد يونس من الولايات المتحدة وهو الابن الثالث من بين 14 ابناً لرجل أعمال بنجلاديشي أصيب بإحباط شديد نتيجة الفرق الشاسع بين مايدرسه في مادة الاقتصاد في جامعة «شيتاجونح» ومايحدث على أرض الواقع الأمر الذي دفعه إلى ان يتعلم اقتصاد العالم الواقعي فقرر الخروج من ساحة الجامعة إلى بنجلاديش الحقيقية وبدأ بالذهاب إلى القرى والتحدث مع الفقراء محاولاً اكتشاف سبب عدم قدرتهم على تغيير حياتهم او ظروفهم المعيشية ولم يقترب محمد يونس من هؤلاء الفقراء كمدرس او كباحث بل كإنسان أو كجار لهم. ومر يوماً بامرأة كما يقول تكسب قرشين في اليوم من صنع كراسي الخيزران ولم يكد يصدق كيف ان أحداً يقوم بكل هذا الجهد ليكسب قرشين فقط وعندما سألها عن ذلك اكتشف أنها لاتملك المال الكافي لشراء الخيزران من المتجر الأساسي لذلك تستدينه من تاجر التجزئة وهو نفس التاجر الذي يشتري منها منتجها النهائي وعند شرائه منها يقدم لها ثمناً يغطي بالكاد تكاليف الخامات وفكر الدكتور محمد يونس قائلاً «هذه مشكلة سهلة الحل فلو أتيح لها المال لشراء الخامات فسيكون باستطاعتها بيع المنتج لمن يدفع أكثر» واستعان بطلابه لتوزيع القروض لكل من يحتاج المال من أهل القرية ولأنه مدرس وليس تاجرعملة فكر في الاستفادة من إمكانيات البنوك النقدية ليتبين له ان البنوك كغيرها من بنوك العالم تحتاج إلى ضمانات وأصول ثابتة وكفيل غارم وانتهى به الأمر إلى إنشاء بنك خاص وحصل من الحكومة البنجلاديشية على إذن بإنشاء بنك سمي بنك «جرامين» يقرض المال لأفقر الناس الذين لايملكون شيئاً بمن فيهم أولئك الذين لايملكون اي ضمانات وليس لهم تاريخ سابق في اخذ السلف ومنذ عام 1983م تاريخ تأسيس البنك منح البنك ووفق «ناتيلي بزنسس ربوت» أهم مصدر في العالم للرؤى التجارية مايزيد عن 5.7 مليار دولار لأكثر من 6.100 مليون مقترض تشكل النساء الفقيرات مانسبته 97% منهم ولقد اعانت هذه القروض اولئك النسوة على تاسيس أعمال صغيرة تحقق لهن الاكتفاء الذاتي ولم تزد فائدة التخلف عن سداد هذه القروض عن واحد بالمئة. يصف محمد يونس الفقر «بأنه شجرة مُقزمة لديك هذه القاعدة الصغيرة جداً لكي تنمو فيها أنت مجرد شيء صغير جرى تقزيمه ربما كان في مقدورك ان تصبح شيئاً كبيراً لكنك لن تعرف ذلك أبداً هذا هو الفقر». وأختلف يونس في الرأي مع أصحاب البنوك الذين امتنعوا عن اقراضه في الأيام الأولى التي كان يحاول فيها مساعدة الفقراء عن طريق البنوك المختلفة بزعمهم انه قبل ان تقرض الفقراء أموالاً عليك ان تعلمهم مهارات البقاء أولاً وكان جواب يونس هو «اقرضهم المال أولاً فالفقراء ليسوا بحاجة إلى ان نعلمهم كيفية البقاء لأنهم في الأصل يعرفون كيف يفعلون ذلك كون الفقراء على قيد الحياة برهان واضح على قدرتهم تلك» ولقد أشارت مقالة نشرتها «يوبي بنكر» يقول فيها محمد يونس إن هدفه المعلن هو خفض عدد الفقراء في بنجلاديش للنصف بحلول عام 2015م والسؤال هو: أين بنوكنا من هذه الابتكارات المالية الهادفة إلى استئصال الفقر هل لديهم هدف في هذا الاتجاه.. إذا كان فليعلنوه أم انهم توقفوا تحت إشارة لا قرض دون كفيل غارم؟!