-A +A
عزيزة المانع
في اسبوع واحد تقريبا تلقيت ثلاث رسائل من شباب حديثي السن، كل منهم يشكو الشعور بالغربة وعدم الانتماء وأن لا أحد يستطيع أن يفهمه، وهو في الوقت نفسه يشعر أيضا أنه بعيد عن الآخرين غير قادر على التعايش معهم.

ماذا يعني أن يكتب ثلاثة من الشباب في اسبوع واحد يشتكون جميعهم من الشعور بالاغتراب؟ إن هؤلاء الشباب وأمثالهم يعبرون عن معاناة عامة يعيشها أبناؤنا في هذا العصر حيث يعيشون أزمة في الهوية والشعور بالانتماء، فينعكس ذلك على مشاعرهم ومواقفهم تجاه أمتهم ومجتمعهم في صور كثيرة من السلوك السلبي المتجرد من الشعور بالمسؤولية.في هذا العصر يتعرض الشباب لصراع حاد بسبب تذبذب الهوية أمام أعينهم، فهم متذبذبون ما بين هوية قومية، وهوية عربية، وهوية اسلامية، أو ما أفرزته أخيراً العولمة من توجه الى نسج هوية عالمية. وهذا التذبذب في هويات الانتماءات وتفاوت درجات القوة التي تجذب الشباب الى كل هوية من الهويات، أورث الشباب شخصيات حائرة لا تدري من هي ولا إلى أي تنتمي.وغني عن القول إن قضية جوهرية كهذه لا فكاك من أن يتولد عنها مشكلات نفسية وثقافية واجتماعية ما تلبث أن تظهر آثارها على الشباب في أشكال مختلفة من السلوك المتراوح ما بين الرفض والتمرد والانسحاب بعيدا عن الشعور بالمسؤولية حيث يطغى الشعور بالانفصال واللا انتماء.وعلى الاطلاق، نجد أن معاناة الشباب من التذبذب في الانتماءات أمر يثير القلق لما ينطوي عليه من خطورة وما قد ينجم عنه من تكوين شخصيات لأفراد من المجتمع لايثقون بأنفسهم ولا بأمتهم، غير قادرين على التحكم في مجرى الأحداث تطوقهم السلبية، وتغمرهم اللامبالاة ويخنقهم الشعور المضني بالضياع.واذا كانت الاحصائيات تفيد أن غالبية السكان في المملكة هم من فئة الشباب في سن 18 عاما وأقل، فإن هذا يعني مزيدا من الخطورة، فهؤلاء الشباب هم مطية المجتمع الى المستقبل، وما لم يتلقوا استجابة جيدة تعينهم على اجتياز هذه الظروف الرديئة، فإن رحلة المستقبل ستكون محفوفة بالمخاطر، مليئة بالمشقة والمزيد من الاغتراب.

فاكس: 4555382