-A +A
عزيزة المانع
والصورة الثانية التي يتحدث عنها نوتوهارا هي انعدام الشعور بالمسؤولية بين كثير من الناس، مثل تعودهم ترك القاذورات في الطرقات والأماكن العامة أو تخريب الحدائق العامة وتكسير المصابيح وتدمير الكراسي وتلويث دورات المياه العامة وغير ذلك كثير من صور اللامبالاة حيث يتعامل الناس مع الملكيات العامة وكأنها عدو يريدون الانتقام منه. ويحلل نوتوهارا هذا السلوك بأن المواطن العربي يقرن بين الممتلكات العامة والسلطة، وهو عندما يدمر ويخرب تلك الممتلكات، يشعر في اللاوعي أنه ينتقم من السلطة التي يعاني من قمعها فيدمر بانتقامه وطنه ومجتمعه.
أما الصورة الثالثة فكانت عن تجربته في المطارات العربية حيث يقول إنه صدم وانتابه شعور بالإهانة لما وجده لدى القائمين على الأمن في المطارات من فظاظة في السلوك أثناء تعاملهم مع المسافرين حيث يظهر عليهم التعالي والغطرسة، وهذه الصورة كما يصفها «تفضح النظام بكامله، النظام السياسي والاجتماعي والأخلاقي، وتبين كيف يتلازم القمع مع عدم الشعور بالمسؤولية تجاه سمعة الوطن وتجاه الآخر». كذلك هو لم يفته أن يذكر كيف يتعرض المسافرون الأجانب لبعض حالات السرقة من موظفين مسندة إليهم أعمال رسمية، وهو يذكر تجربته مع موظفة في مصرف في مطار عربي يقول إنها سرقته عندما استعان بها لتبديل العملة. أخيراً هو لا ينسى تجربته السخيفة في أحد المطارات العربية عندما كان مغادراً فسمع موظفة الخطوط تخاطب صديقتها العربية التي كانت ترافقه إلى المطار بقولها: «هل تريدين أن تتخلصي من هذا الخواجة وتصرفيه؟» ويعلق على ذلك بقوله: إني لا أدري لم يعامل العرب الآخرين بدونية؟ وما الذي سيخسرونه لو أنهم تعاملوا مع الغير باحترام. ولا يجد تفسيراً لهذا السلوك من العرب سوى القول إنه يشي بعدم الشعور بالمسؤولية من جهة، ونتيجة للقمع الذي يعيشه العرب من جهة أخرى، حيث يميل المقموعون إلى ممارسة القمع مع من هم أدنى منهم. وهناك صور أخرى كثيرة يعرضها هذا الكتاب وتستحق التوقف عندها.
لكنها في مجملها صور ترينا نماذج مخزية من ثقافتنا الاجتماعية كما ظهرت عارية في شكلها القبيح أمام هذا الغريب.

ص.ب 86621 الرياض 11622