-A +A
عزيزة المانع
اعتاد الأمريكيون إطلاق أسماء البشر على أنواع الأعاصير والزوابع التي تصيب مناطقهم ما بين عام وآخر، واعتدنا نحن في كل عام حين يحل موسم الأعاصير في أمريكا أن تطرق أسماعنا أسماء مؤنثة أطلقت على تلك الأعاصير تتردد عبر وسائل الإعلام التي تنقل أخبارها وتصف مدى ما أحدثته من خراب ودمار. وما يلفت النظر هنا ليس آثار تلك الأعاصير المدمرة، وإنما اختيار أسماء مؤنثة لإطلاقها على تلك الأعاصير المهلكة، مما لا يتناسب مع ما هو شائع عن رقة الإناث وضعفهن!ما العلاقة التي تربط بين المرأة والإعصار كي تطلق اسماء النساء على الأعاصير؟ وهل بلغت صورة الإناث في العيون هذا القدر الرهيب من القدرة على الفتك والتدمير؟يقول أحد المحللين النفسيين إن: «المرأة قادرة بفعل خصائصها الأنثوية على خلق رهاب فظيع في داخل الرجل»، فهل الخوف من المرأة هو سبب تسمية الإعصار بأسماء نساء؟ وما الذي يخافه الرجل من المرأة؟إن موقف الرجل من المرأة مليء بالتناقض والاضطراب، فمرة هي عنده محتقرة ومنبوذة، ومرة هي في موضع التقريظ والإعجاب. ومرة يجعلها سيدة يطلب رضاها، وأخرى عبدة ذليلة يأمرها فتطيع. موقف الرجل من المرأة يكتنفه الغموض.قرأت مرة قولاً لرجل يصف حاله في حضور امرأة فيقول: «عندما تقترب مني امرأة أشعر أن سلوكي يتغير بصورة آلية فأصير عدوانياً، أو محتقراً، أو متباهياً، أو ساخراً، أو مفتوناً ملاطفاً، ورغم أني أشعر أن جميع تلك الضروب من السلوك مزيفة ولا تمثل طبيعتي إلا أني لا أستطيع التحكم في ما يعتريني منها. وفوق هذا أنا لا أستطيع أن أحدد من هن النساء اللواتي يثرن خوفي أكثر، هل هن النساء الأكثر فتوة، أو الأكثر جمالاً، أو المثقفات؟ كل ما بوسعي قوله هو إني لا أخشى الطاعنات في السن منهن، فأنا أظل أمامهن طبيعياً».
هذا الخوف المبهم من المرأة الذي يصفه هذا الرجل ولد لديه كما يقول ردود فعل مختلفة في موقفه تجاهها، وهذه الردود تظهر أحياناً في شكل احتقار للمرأة وتعالٍ عليها، أو في شكل عنف وعدوانية عند التعامل معها، أو على عكس ذلك تظهر في صورة تفان في محاولة استرضائها، إلا أنه في أي شكل كانت ردود الفعل تلك، فإنها تظل تعبيراً عن الشعور المبهم بالخوف من المرأة. ويزيد خوف الرجل من المرأة كلما بدت له ذاتاً مستقلة عنه، فلا شيء يزيح عنه الخوف منها مثل أن تتحول المرأة إلى مجرد (شيء) يملكه، لكن ذلك لا يتحقق له دائماً، فيعمد إلى تزيين المرأة لنفسه فيطري جمالها ورقتها ويمجدها بقصائد الحب والغزل، وذلك في محاولة منه لبث الشعور بالاطمئنان في داخله بأن مخلوقاً جميلاً كهذا لا ينبغي أن يثير الخوف في نفسه.. والله أعلم.