-A +A
عزيزة المانع
من العبارات الشائعة القول في بعض الاحيان، ان الانسان عدو نفسه، ويقصد بذلك ان الانسان يميل الى اتباع هواه فيردي به الهوى الى الهلاك، وذلك على اعتبار ان الهوى لايدعو الانسان الى خير ابدا. فهوى النفس يتمثل فيه ما يسرها، وما يسر النفس ارتبط في اذهان البعض بأنه شر دائماً. اما الاحسان وطلب الخير والعمل من اجل منفعة الغير، او التعبد وطاعة الله او طلب العلم والعمل الجاد، فإنها كلها لا تصنف ضمن هوى النفس، فالنفس من خلال هذا المنظور لاتهوى سوى الفسوق وارتكاب المحرمات والكسل والانانية وجمع المال وارتقاء المناصب وما شابهها، وان الانسان متى اطاع نفسه واتبع ما تهوى قادها الى الهلاك.
واجد النفس مظلومة في هذا ومظلوم معها هواها، فهناك كثيرون هوى نفوسهم يميل بهم الى طاعة الله وفعل الاحسان والمبادرة الى الخير من الاعمال، وهناك كثيرون هوى نفوسهم يدفعهم الى البحث عن المعرفة والوصول الى الحقائق، وهناك كثيرون هوى نفوسهم يقودهم الي ارتقاء سلم المجد وتجسيد الطموح الى واقع يعيشونه، فليس دائما هوى النفس يدعو الى الشر ويأخذ صورة واحدة سيئة كالتي يصورها لنا ذلك القول الذي كتب له الخلود وتم تداوله على انه يمثل الحق.

لقد نشأ بين بعض الناس ونفوسهم عداوة وكره منشؤها ان كل طاعة للنفس تقود الى الهلاك، فقسوا على انفسهم وصارت لاتلقى منهم سوى اللوم والنقد والانكار لكل ما تأتيه او تطلبه، فكرهوا ذواتهم وشقيت بهم انفسهم.
ان مصادقة النفس ضرورة من ضرورات الحياة وسبب من اسباب السعادة، والعاقل هو من يلتمس لنفسه العذر متى قصرت، ويتحاور معها بعدالة متى مالت عن الحق، لايكلفها فوق طاقتها وقبل هذا وذاك عليه ان يحسن الظن بها فيسلم بأنها لاتدعوه دائما الى الشر.
ولا يغيب عن الذهن قوله تعالى }إن النفس لأمارة بالسوء| او قوله سبحانه: }وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى|. الا ان ذلك لايعني أن النفس خالية من الخير او انها لاتدعو إلى إثم.